قدمت إليك بعينين حزينتين دامعتين
تائهتين شاكيتين
قدمت إليك وكلي يقين
أن جوفك مظلم
ومعتم كعتمة أيامي
جئت إليك لكي تحضنني
ولكن
برفق وحنان
أياك ثم إياك
أن تغرقني
أن تقتلني
وترميني جثة هامدة
على شفاه أمواجك
جئت إليك بقلب دام باك
مفعما بآلام الماضي
وجراح الحاضر
لم تبعد عني أمواجك يا بحر
سوى أمتار
ففتحت ذراعيّ لك
كي أحضنك
كي تحضنني
كي أحضن نسيم أمواجك
فتطاير رذاذ ماءك المالح على وجهي
فأيقظني
من غفوة كادت أن تقتلني
وترميني في ظلام وظلم أبدي
لذلك جئت إليك
أنت المخلّص لي من عذاباتي
من جراحاتي
من أنين كلماتي
من دموع شرايين حياتي
جئت إليك وحلمي يتجدد
بالخلاص
أو الحياة من جديد
وأمسح دمعةً قد انحدرت
بيد من حديد
ولعل حركة أمواجك
وصوت هديرك
يعيد لي التفكير فيما مضى
من عمري الذائب في ملوحة
ماء أمواجك
قدمت إليك بعد أن يأست من
إنقاذ نفسي بنفسي
وبعد أن يأس كل البشر
من إنقاذي
فلا منقذ لي إلا أنت
تركتهم خلفي يعشقون شعاع الشمس
ونور القمر
تركت أهلي وأحبابي
وتركت في داخلهم ذاتي
قدمت إليك لأنك
أنت الحب الدائم في شراييني
والقيد الدامي على أفواه براكيني
قدمت إليك حافية القدمين
مرسلة شعري الأصفر
خلف ظهري
فتداعبه نسمات أمواجك
فتطاير إلى الخلف
وكأنه يشدني ويحدثني
قائلا لي
ارجعي
إنه البحر
سيقتلك
سيبتلعك
فتابعت المسير
فعانقت خضرة عيني
زرقة ماءك
فتابعت المسير نحوك
فاتحة الذراعين
والكل ينظر من بعيد
ماذا ستفعل بي أمواجك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فلامست قدماي الحافيتان
دفء ماءك
فشعرت بالأمن والأمان
واستشعرت الاطمئنان
حدثتك يا بحر في هذه اللحظات
بعدة لغات
بالعبرات
بالدمعات
بالهمسات
بالنظرات
حدثتك بكل اللغات
إياك ثم إياك
أن تغرقني
أن تقتلني
وترفضني
وتنفيني
بعيدا عنك
فأنا أفضل الموت
بين أحضانك
إني جئت إليك
ليس للموت
لأعيش بين أحضانك
ولكن
إن يا بحر قررت الموت
قررت قتلي
اقتلني اقتلني
ولكن
برفق وحنان
فبيني وبينك ود
وعهد وأمان
يتجدد بتجدد
قدومي إليك في كل الأزمان