قوم دينهم التعبد للروحانيات أي الملائكة وضد الحنفاء الذين دعوتهم الفطرة. مؤدي مذهبهم أن للعالم صانعاً فاطراً حكيماً مقدساً من سمات الحدثان، والواجب علينا معرفة العجز عن الوصول إلى جلاله، وإنما يتقرب إليه بالمتوسطات المقربين لديه وهم الروحانيون المطهرون المقدسون جوهراً وفعلا وحالة. أما الجوهر فهم المقدسون عن المواد الجسمانية، المبرؤون عن القوى الجسدانية، المنزهون عن الحركات المكانية والتغيرات الزمانية، قد جبلوا على الطهارة وفطروا على التقديس والتسبيح، لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، يقولون وقد أرشدنا إلى هذا معلمنا الأول (عاذيمون) و(هرمس)، فنحن نتقرب إليهم ونتوكل عليهم، فهم أربابنا وآلهتنا ووسائلنا وشفعاؤنا عند اللّه، وهو رب الأرباب وإله الآلهة، فالواجب علينا أن نطهر نفوسنا عن دنس الشهوات الطبيعية، ونهذب أخلاقنا عن علائق القوى الشهوية والغضبية حتى يحصل مناسبة ما بيننا وبين الروحانيين، فنسأل حاجتنا منهم ونعرض أحوالنا عليهم ونصبوا في جميع أمورنا إليهم، فيشفعون لنا إلى خالقنا وخالقهم ورازقنا ورازقهم. وهذا التطهير والتهذيب ليس يحصل إلا باكتسابنا رياستنا وفطامنا أنفسنا عن دنيات الشهوات استمداداً، هو التضرع والابتهال بالدعوات وإقامة الصلوات وبذل الزكوات والصيام عن المطعومات والمشروبات وتقريب القرابين والذبائح وتبخير البخورات وتعزيم العزائم، فيحصل لنفوسنا استعداد واستمداد من غير واسطة، بل يكون حكمنا وحكم من يدعي الوحي على وتيرة واحدة.
التصنيفات