قصة اعجبتني فحبيت تستفيدوا منها
في ظلمة الليل بينما خيم على البيت السكون
ظلت آسية تتقلب على سريرها …يمينا و شمالا ..
لم تذق عيناها طعم النوم فقد سلبته لها الأحزان و الآلام …
قررت النهوض من فراشها وذهبت فتوضأت ورجعت إلى ظلمة غرفتها
ارتدت إسدال صلاتها ..فرشت سجادتها و جلست !!
خرت قواها من كثرة القلق و الهموم أحست بضيق ولم يعد قلبها الصغير يحتمل
ذاقت طعم الحزن و الهم وهي لازالت في سن العشرين
أحست بضعفها ونفاذ صبرها فخشيت على نفسها اليأس و القنوط
تمتمت بكلمات تسبح خالقها لتهيئ نفسها لصلاة خاشعة
فهي ملاذ روحها وفيها تأنس بخالقها
شرعت في صلاة هادئة خاشعة وما إن سجدت حتى انهارت في البكاء
أخرجت كل ما بداخلها و هي تدعوا ربها
اللهم اهده …اللهم ارحمه…اللهم رده لدينك ردا جميلا
يارب
يارب اللهم فرج كربتي …يارب نفذ صبري فارحم ضعفي …
اللهم ما عدت أطيق العيش بين المعاصي ..
اللهم اهده و ارحمني وأسعد قلبي
ظلت آسية على حالها تبكي و تدعوا وقد صادفت دعواتها الثلث الاخير من الليل
تلك الساعات و الدقائق الثمينة التي لا يعرف قدرها إلا من ذاق حلاوة الإيمان
انتهت آسية من صلاتها وقد احمرت عيناها وتبلل وجهها من كثرة البكاء
لكنها أحست بطمأنينة غريبة… وتذكرت قول الله عز وجل
(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)
فارتسمت على وجهها ابتسامة أمل….
أمل في ربها الهادي الرحيم المجيب
ظلت جالسة على سجادتها تستغفر و تبكي تارة …و تبتسم تارة أخرى …
بقيت على حالها طويلا
وفجأة سمعت صوتا غريبا خارج غرفتها !!
اقتربت من باب غرفتها بخوف ….فإذا هو صوت بكاء !!!
فتحت باب غرفتها بوجل …وذهبت لتبحث عن مصدر هذا الصوت
تقدمت بخطى بطيئة …فوجدت نور المصباح مضيء في غرفة الجلوس ..
وصوت البكاء و الأنين يزداد !!!
دخلت ….فإذا بالمفاجأة !!
إنه
إنه
إنه أبوها !!
نعم إنه أبوها وقد جلس مستقبلا القبلة و يبكي .. ويئن ..ولا يسمع من بكائه إلا
"اللهم اقبلني"…"اللهم اقبلني"
دمعت عينا آسية ولم تصدق ما رأته عيناها
هل هذا حلم أم حقيقة ؟؟
أهذا فعلا أبوها الذي لم يسجد لله منذ سنين؟؟ أهذا فعلا أبوها الغالي الذي لطالما عارضها في أمور الدين ؟؟
سبحان مقلب القلوب !!
مسحت دموعها ..دموع كانت منذ قليل من أثر الحزن لكنها أصبحت الان دموع فرح !!
لم تشأ مقاطعة أباها
وكيف تقاطعه وهي تراه لأول مرة يناجي ربه !!
بقيت متخفية تمتع عيناها بمشهد لطالما حلمت به !
سكن الأب و انقطع بكاؤه
فاقتربت منه آسية بمزيج من الفرح و الخوف ..
وضعت يدها المرتجفة على كتفه ..وقالت بصوت حنون
"ما بك أبي"
نظر إليها بعينان امتلأت بالدموع وقال" لقد رأيت الليلة رؤيا هزت كياني ..لقد كانت رسالة إنذار و تحذير من ربي "
قال آسية "وما هي يا أبي هل من الممكن أن تطلعني عليها ؟"
فأجاب بصوت مخنوق يغلبه الأنين"أعفيني من ذلك يا آسية "
ثم تدارك نفسه و اسنتشق نفسا عميقا و نظر اليها و قال
"تبت إلى الله يا ابنتي …تبت إلى الله "
لم تتمالك آسية نفسها و أجهشت بالبكاء و احتضنت أباها الذي انهار ببكاء مرير هو أيضا
قطع بكاءهما آذان الفجر معلنا فجرا جديدا في حياة أبا آسية …
قام الأب فذهب و توضأ
ثم اتجه إلى الباب …
تبعته آسية غير مصدقة
"إلى أين يا أبي؟؟"
فرد عليها بابتسامة ملأت وجهه نورا
"إلى المسجد يا ابنتي مضى وقت النوم و المعاصي"
فرحت آسية أشد الفرح و طبعت قبلة على جبين أباها
خرج الأب إلى المسجد لصلاة الفجر
وبقيت آسية في البيت
تذكرت كلام ربها (إن مع العسر يسرا)
فخرت ساجدة لله شاكرة له سبحانه على استجابته لدعائها
نعم لقد عانت و عانت لسنوات …..
لكنها الان بعد أن جاء الفرج نسيت كل شيء
كل حزن وكل هم
وارتسمت على وجهها ابتسامة فرح!!
ما اجملها من لحضات حين ترجع الى بارئك