(1) الفصل الاول : سمر
وقفت سمر بقامتها الممشوقة امام المرآة وسط غرفتها الفاخرة ذات الجدران المطلية باللون الوردي ، و أخذت تتفرس بملامح وجهها بدقة ، كانت طويلة القامة سمراء فاتحة السمار ، سمارها جميل محبب الى النفس ، كانها تحفة غالية ، عيناها واسعتان مشروطتان ، انفها دقيق و فمها صغير و ابتسامتها رائعة تكشف عن اسنانها المرتبة و تظهر غمازتان زادتا من روعة وجهها ، كانت جميلة و كثيرا ما شبهوها بعارضات الازياء نظرا لطول قامتها و قوامها الممشوق ، و كانت الوحيدة بين اختيها ذات اللون الاسمر ووالدتها تقول انها ورثت السمار من جدها لامها ، كانت مميزة و هي اكبر اخواتها و يكبرها بعامين شقيقها الوحيد شاهين ، كانت سمر في الثالثة و العشرين من عمرها ، و قد تخرجت من كلية الآداب قسم اللغة الانجليزية منذ عام ، و عينت بواسطة والدها السيد عبدالله رجل الاعمال الثري المشهور مدرسة بنفس منطقة سكنهم الراقية ، و طالما فتنت بها تلميذاتها الصغيرات فلم يمر عليها يوم الا و عادت الى المنزل تحمل الورود من طالباتها ، كانت سمر ترتدي اليوم قميصا طويلا ضيقا يظهر تناسق جسدها و ينعكس لونه السماوي على بشرتها فيضيف عليها ظلا جميلا يناسبها ، وقد تركت شعرها الاسود اللامع منسدلا على كتفيها ، و تساءلت بينها و بين نفسها : ترى هل سأعجبه ؟ و كانت تقصد بذلك هاني ابن عمها ، كان هاني ابن عمها الاكبر عاد لتوه من الولايات المتحدة بعد ان تخرج هو و اخوه عادل الذي يصغره بعام واحد من كلية الهندسة ، و قد فتنت سمر بهاني منذ صغرها ، كان يبهرها بوسامته و خشونته و لطالما حلمت به ، كانت تتبعه اينما ذهب و تشعر بالغيرة عليه عندما يلعب مع بنات العائلة الاخريات ، و كانت تنتظر يوم الخميس وهو يوم تجمع العائلة في بيت جدها لابيها حتى تراه و تحزن اذا غاب هاني عن الزيارة لاي سبب سواء الدراسة او المرض .
و قد كتمت سمر مشاعرها نحوه حتى عن اقرب الناس اليها سواء من اخواتها البنات او والدتها ، لم يعرف بذلك احد الا هديل هي ابنة عمتها و هي في عمر سمر ، ولدتا في نفس الشهر و نشأتا معا ، و كانت هديل صديقة حميمة لسمر و طالما باتت في منزلها ايام العطل ، فهديل ابنة وحيدة طلقت امها بعد ان انجبتها من زوجها و لم تتزوج بعد ذلك خوفا على هديل ، و كانت سمر تحكي لها جميع اسرارها و تحبها ط§ظƒط«ط± من اختيها الشقيقتين و تباعدت سمر عن اختيها مع الوقت و اكتفت بهديل و كانت اختيها تغاران من هديل احيانا لكن ذلك لم يمنع سمر من حبها و قربها ، و عندما قرر هاني السفر الى امريكا للدراسة حزنت سمر كثيرا و بكت كثيرا على صدر هديل و خافت ان يقع هاني في حب فتاة امريكية و يتزوجها هناك ، و كانت تدعو ربها في كل ليلة ان يعود لكي يخطبها ، كل ذلك وهي لم تصارح هاني بمشاعرها و كانت تأمل ان يشعر بها يوما فهي تلاحظ اعجابه بجمالها و نظراته لها و كان ذلك يفرحها كثيرا ، و قد مرت سنوات دراسته بالخارج و تخرج اخيرا و عاد الى الكويت ، و اليوم هو يوم العيد ، و هذا اول عيد يحضره هاني مع العائلة منذ سفره للدراسة ، صحيح انه عاد الى الكويت خلال بعض العطل الا انه لم يحضر العيد منذ سنوات ، و كانت سمر تقول في نفسها ان هذا العيد عيد حقيقي برجوع حبيبها لذلك قضت وقتا طويلا لانتقاء ملابسها لهذا اليوم و تسريح شعرها ووضع مكياجها فهي سعيدة وتريد ان تلفت نظره … و فجأه افاقت سمر من تأملاتها على صوت هاتفها يرن ، فنظرت الى اسم المتصل فاذا هي هديل .. ردت سمر : ألو….
هديل (وهي تضحك) : كيف حالكي ؟ كيف اعصابك؟
سمر : قلبي يدق بعنف و كأنني ذاهبة الى الحرب.
هديل : ها ها ها… جمدي قلبك كيف تبدين ؟
سمر : لا اعرف انتظر رايك آه ادعي لي بأن اعجبه .
هديل : اكيد ستعجبينه كوني واثقة من نفسك .. حسنا لا تتاخرين اراك قريبا .
سحبت سمر نفسا عمسقا و هي تلتقط حقيبتها الانيقة ، و قبل ان تنزل في بهو المنزل رفعت رأسها الى السماء و قالت بحرارة : يا رب اجعل هاني من نصيبي … و خفق قلبها بأملها…
يتبع …. الجزء الثاني قريبا ….