السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بداية شكرا لكم على هذا المجهود الرائع، وبارك الله فيكم وجعله في ميزان حسناتكم.
مشكلة طفلتي التي تبلغ من العمر 5.5 سنوات أن طولها 102سم، وقد ذكر الطبيب أنها أقصر من المعدل الطبيعي وهي فعلا تبدو أقصر من عمرها، علما أنها نشيطة وتحصيلها في الروضة كان مرضيا.
ومشكلتها كانت منذ الحمل حيث كانت الدورة الشهرية تنزل بشكل خفيف في الأشهر الأولى وكانت ولادتها الطبيعية متعسرة نوعا ما، حيث ذكر الطبيب أن الحبل السري كان ملتفا حول الرقبة 3 مرات ولكن وزنها كان 3.300 كيلوجرامات، أي كان طبيعيا.
ومنذ الشهر الرابع ذكر لي أن وزنها لا يزيد كثيرا وقد كان عندها مشكلة وهي عدم غلق اليافوخ حيث استمر إلى 5 سنوات، وقد تم تصوير الرأس وعمل جميع التحاليل اللازمة للغدة والدم والبول والبراز وتصوير الأشعة للعظم، وكان العظم يبدو أقل من الطبيعي، وقد أخذت الطفلة جرعات كالسيوم عندما كانت تبلغ سنة.
علما أنها مشيت على عمر عام و3 أشهر وكنا نتابع حالتها عند طبيب عام للأطفال، وكان يقيس طولها ويقول معدل النمو جيد ولا داعي لأن تأخذ إبرا للطول أو دواء، علما أن الطفلة وهي في عمر شهرين تعرضت لإنفلونزا شديدة.
أما بالنسبة لتاريخ ميلاد الطفلة فهو 15-12-2017. وأما بالنسبة لوزنها فهو 14 كيلوجراما. وبالنسبة لليافوخ فقد أغلق تقريبا تماما وبالنسبة لإخوتها الذكور وأختها لا يوجد مشكلة، علما أن والدها طويل القامة وأمها طولها 158سم، ولكن يوجد للطفلة خالة طولها تقريبا 150سم.
مشكلتي أني أخاف أن تبقى قصيرة جدا (قزم) فهل من علاج؟
ويجيب على استشارتك عزيزتي الدكتور بسام صالح بن عباس استشاري طب الأطفال والغدد الصمّاء مستشفى الملك فيصل التخصصي في السعودية بالآتي:
الأخت الفاضلة، في البداية أريد أن أوضح لك أن قصر القامة لدى الأطفال أو تأخر النمو الطولي يعتبر من أكثر الظواهر شيوعا بين الأطفال وأبلغها تأثيرا في نفوسهم. ويعتبر الاكتشاف المبكر لهذه المشكلة وعلاج الأسباب المؤدية إليها مؤثرا إيجابيا على صحة الطفل ومستقبله.
وأرى أنه من المهم معرفة ما يلي على الترتيب:
أولا: العوامل التي تتحكم في طول الطفل قبل الولادة وتحدد طوله بعد الولادة، حيث يعتمد طول الطفل ونموه على عوامل كثيرة وقد تكون هذه العوامل متداخلة ومتنوعة ومتعددة، ومنها ما يلعب دورا مهمًّا في نمو الطفل قبل الولادة ومنها ما يكون تأثيره بارزا بعد الولادة.
فمن العوامل التي تؤثر في نمو الجنين تلك التي تؤثر على تغذيته ومن ثم وزنه كالأمراض التي تصيب الأم في أثناء الحمل أو سوء تغذيتها أو الأمراض التي تضعف المشيمة وهي العضو الذي يعتبر حلقة الوصل بين الجنين وأمه. كما أن هناك بعض الهرمونات التي تتحكم في نمو الجنين في أثناء الحمل كهرمون الأنسولين والهرمونات المعتمدة على هرمون النمو وهي Igf.1 و Igf.ii والذي يؤدي اضطراب إفرازها إلى التأثير على وزن ونمو وطول الجنين.
أما عن طول الطفل بعد الولادة فهناك عوامل شبيهة ذات تأثير مباشر كالعوامل الوراثية والبنية الجسدية والأمراض المختلفة بأنواعها.
ثانيا: ط§ظ„ط·ظˆظ„ الطبيعي للطفل أو الزيادة الطبيعية لطول الطفل والعلامات التي يجب على الأبوين ملاحظتها بالنسبة لنموه وبالتالي قد تدفعهم إلى اللجوء إلى استشارة الطبيب.
كما ذكرنا سابقا فالطول الطبيعي للطفل قد يختلف باختلاف العوامل الوراثية والبيئية والجسدية كبنية الجسم وتكوينه، ويمكننا بصورة عامة القول بأنه عادة ما يكون طول الطفل بعد الولادة 50 سم ويتراوح بين 46 سم و54 سم ويزيد طول الطفل حوالي 25 سم في السنة الأولى من عمره و12 سم في السنة الثانية، وبعد ذلك يكون معدل الزيادة في الطول حوالي 5-7 سم في السنة الواحدة حتى مرحلة البلوغ التي تكون فيها زيادة الطول في الرجل أكثر منها في المرأة؛ ففي حين يتوقف النمو الطولي لدى المرأة بعد فترة الحيض يستمر التزايد الطولي لدى الرجل حتى عمر الثامن عشر أو العشرين.
ثالثا: الدلائل التي يجب على الأبوين أو أطباء الأطفال متابعتها وملاحظتها.. فالتزايد الطولي السنوي للطفل أو ما يعرف بسرعة الطول تعتبر أكثر أهمية وأكثر دلالة على وجود مرض عضوي ما وراء قصر القامة، فقد يكون الطفل قصير القامة ولكن تسارعه الطولي (أي الزيادة السنوية لطوله) سليمة، ويعني هذا أن الطفل قد لا يعاني من مرض عضوي كسبب لقصر قامته، وإنما هناك أسباب غير مرضية مسببة لقصره لأن تسارعه الطولي سليم.
لذا يرتكز أطباء الأطفال عادة على متابعة طول الطفل بصفة دورية ومقارنته بمنحيات تسمى منحيات الطول لمعرفة وحساب سرعة الطول السنوي.
رابعا: الأمراض التي تؤثر على نمو الطفل.. ويمكن تقييم أسباب قصر القامة لدى الأطفال إلى قسمين رئيسين: أسباب مرضية (عضوية)، وأسباب غير مرضية (غير عضوية)، وتشكل الأسباب غير المرضية القسم الأكبر من أسباب قصر القامة لدى الأطفال، حيث إنه قد يندر أن يكون وراء تأخر الطفل الطولي سبب عضوي أو مرضي.
وتلعب العوامل الوراثية كطول الأبوين أو طول أفراد العائلة أو العوامل الجسدية كبنية الجسم وتكوينه دورا أساسيا في مستوى نمو الطفل وطوله المستقبلي عند البلوغ. وبالرغم من أن الأسباب المرضية (العضوية) تشكّل القسم الأصغر من أسباب قصر القامة فإنه ينبغي الكشف المبكر لها وبالتالي علاجها حتى لا تؤثر سلبا على نمو الطفل ومستقبله.
وتضم هذه الأسباب ما له علاقة بـ:
(1) أمراض الجهاز الهضمي والكبد وسوء التغذية: وتشكل هذه الأمراض وخاصة سوء التغذية السبب الأكثر شيوعا ضمن الأسباب المرضية المسببة لنقص الوزن وتأخر النمو الطولي وخاصة في المناطق النائية والدول الفقيرة التي تفتقر إلى المصادر الغذائية أو الثروات المادية.
وقد يعاني كثير من الأطفال من سوء التغذية بالرغم من توفر الثروات الغذائية المناسبة وذلك نتيجة للجوئهم إلى تناول الأغذية الخاوية التي لا تحتوي على العناصر الأساسية والسعرات الحرارية الضرورية للنمو؛ لذا يجب على الأطفال وبمتابعة من ذويهم تناول الغذاء المتوازن المحتوي على العناصر الغذائية الثلاثة وهي الكربوهيدرات والبروتين والدهون وغيرها من المعادن والفيتامينات التي يؤدي تناولها إلى نتائج إيجابية على صحة الطفل عامة وبالتالي نموه ذهنيا وجسديا.
(2) أمراض الكلى المزمنة: تشكّل أمراض الكلى المزمنة والتهابات البول المتكررة وما يصاحبها من حموضة في الدم ونقص في المعادن والفيتامينات وفقدان للشهية وغير ذلك من الأمور ذات التأثير السلبي على صحة الطفل، تشكل أحد الأسباب المؤدية إلى قصر القامة وتأخر النمو.
(3) التهابات الجهاز التنفسي المتكررة وأمراض القلب وما يصاحبها من نقص في الأكسجين تلعب دورا رئيسيا في التأثير على مستوى طول الطفل، كما أن بعض الأدوية المستخدمة في علاج أمراض الجهاز التنفسي أو أمراض الروماتيزم قد تؤثر على نمو الطفل.
(4) اضطرابات الغدد الصمّاء: وتضم نقص هرمون النمو الذي يفرز من الغدة النخامية ونقص هرمون الغدة الدرقية أو زيادة إفراز الغدة الكظرية أو الأمراض التي تصيب منطقة الغدة النخامية، وتعتبر كل هذه من المسببات لنقص التسارع الطولي وعادة ما يصاحبها زيادة في الوزن.
(5) اختلال الكرموسومات (الصبغات الوراثية) والعيوب الخلقية وبعض المتلازمات كمتلازمة داون وكيرنر وغيرها من المتلازمات التي يكون قصر القامة إحدى علاماتها.
خامسا: دور العامل النفسي في نمو الطفل بالغ الأهمية؛ لأن العامل النفسي والتأثيرات النفسية لها انعكاسات سلبية مؤثرة على طول الطفل، وهناك العديد من الأطفال الذين يعانون من تأخرهم الطولي، ولا يكون وراء هذا التأخر سوى عوامل نفسية متراكمة قد يكون سببها من داخل المنزل أو من خارجه كالمدرسة أو غير ذلك.
والآن وبعد معرفة كل ما ذكر، ما هي طريقة التشخيص التي تساعدنا في التوصل إلى السبب وراء هذه المشكلة؟.
يعتمد التشخيص في المقام الأول على أخذ تاريخ مفصّل للمشكلة المرضية، ويشمل ذلك التعرف على إذا ما كان هناك أعراض تخص الجهاز الهضمي أو التنفسي أو غيرهما من الأجهزة. أيضا يجب ملاحظة تغذية الطفل ومقدارها وتنوعها وحساب دقيق لمقدار السعرات الحرارية التي يتناولها الطفل.
أما إذا كان هناك اشتباه إصابة الطفل بأحد أمراض الغدد الصمّاء والهرمونات فيجب في هذه الحالة إحالة الطفل إلى مختص لتشخيص المرض وعمل التحاليل الخاصة بالهرمونات اللازمة.
الخلاصة أن طرق وكيفية العلاج تعتمد على معرفة السبب. فإن كان السبب وراثيا أو عائليا فقد يصعب التدخل الطبي لحل هذه المشكلة ويقتصر على المتابعة. أما إن كان السبب عضويا فعلاجه يكون بعلاج العضو المصاب كعلاج أمراض الجهاز الهضمي أو الكبد أو غيرهما. أما إذا كان السبب نقصا أو اضطرابا في إفراز أحد الهرمونات فيكون العلاج بتعويض الطفل الهرمون المفقود.