الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء استعرضت ما ورد إليها من تساؤلات وما ينشر في وسائل الإعلام من آراء ومقالات بشأن الدعوة إلى ( وحدة الأديان ): دين الإسلام، ودين اليهود، ودين النصارى، وما تفرع عن ذلك من دعوة إلى بناء مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد، في رحاب الجامعات والمطارات والساحات العامة، ودعوة إلى طباعة القرآن والإنجيل في غلاف واحد إلى غير ذلك من آثار هذه الدعوة، وما يُعقد لها من مؤتمرات وندوات وجمعيات في الشرق والغرب، وبعد التأمل والدراسة فإن اللجنة تقرر ما يلي:
أولاً: فإن من أصول الإعتقاد في ط§ظ„ط¥ط³ظ„ط§ظ… المعلومة من الدين بالضرورة، والتي أجمع عليها المسلمون، أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام، وأنه خاتمة الأديان، وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع، فلم يبق على وجه الأرض دين يُتعبد الله به سوى الإسلام، قال الله تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85]. والإسلام بعد بعثة محمد هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان.
ثانياً: ومن أصول الإعتقاد في الإسلام أن كتاب الله تعالى ( القرآن الكريم ) هو آخر كتب الله نزولاً وعهداً برب العالمين، وأنه ناسخ لكل كتاب أُنزل من قبل من التوراة والإنجيل وغيرها، ومهيمن عليها، فلم يبق كتاب يتعبّد به سوى ( القرآن الكريم ) قال الله تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ [المائدة:48].
ثالثاً: يجب الإيمان بأن ( التوراة والإنجيل ) قد نُسخا بالقرآن الكريم، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل والزيادة والنقصان كما جاء بيان ذلك في آيات من كتاب الله الكريم، منها قول الله تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ [المائدة:13]، وقوله جل وعلا: فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ [البقرة:79]، وقوله سبحانه: وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:78].
ولهذا فما كان منها صحيحاً فهو منسوخ بالإسلام، وما سوى ذلك فهو محرّف أو مبدّل. وقد ثبت عن النبي أنه غضب حين رأى مع عمر بن الخطاب صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال عليه الصلاة والسلام: { أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟! ألم آت بها بيضاء نقية؟ لو كان أخي موسى حياً ما وسعه إلا إتباعي } [رواه أحمد والدارمي وغيرهما].
رابعاً: ومن أصول الإعتقاد في الإسلام أن نبينا ورسولنا محمد هو خاتم الأنبياء والمرسلين كما قال الله تعالى: مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:40]. فلم يبق رسول يجب اتباعه سوى محمد ، ولو كان أحد من أنبياء الله ورسله حياً لما وسعه إلا اتباعه – وأنه لا يسع أتباعهم إلا ذلك – كما قال الله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران:81]. ونبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نزل في آخر الزمان يكون تابعاً لمحمد وحاكماً بشريعته. وقال الله تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ [الأعراف:157].
كما أن من أصول الإعتقاد في الإسلام أن بعثة محمد عامة للناس أجمعين قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [سبأ:28]، وقال سبحانه: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [الأعراف:158] وغيرها من الآيات.
خامساً: ومن أصول الإسلام أنه يجب اعتقاد كفر كل من لم يدخل في الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم وتسمته كافراً، وأنه عدو لله ورسوله والمؤمنين، وأنه من أهل النار كما قال تعالى: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ [البينة:1]. وقال جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6]. وغيرها من الآيات. وثبت في صحيح مسلم أن النبي قال: { والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به إلا كان من أهل النار }.
ولهذا: فمن لم يُكفّر اليهود والنصارى فهو كافر، طرداً لقاعدة الشريعة: ( من لم يكفر الكافر فهو كافر ).
سادساً: وأما هذه الأصول الإعتقادية والحقائق الشرعية فإن الدعوة إلى ( وحدة الأديان ) والتقارب بينها وصهرها في قالب واحد دعوة خبيثة ماكرة، والغرض منها خلط الحق بالباطل، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه، وجرّ أهله إلى ردة شاملة، ومصداق ذلك في قول الله سبحانه: وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ [البقرة:217]. وقوله جل وعلا: وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء [النساء:89].
سابعاً: وإن من آثار هذه الدعوة الآثمة إلغاء الفوارق بين الإسلام والكفر، والحق والباطل، والمعروف والمنكر، وكسر حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين، فلا ولاء ولا براء، ولا جهاد ولا قتال لإعلاء كلمة الله في أرض الله، والله جل وتقدس يقول: قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29]. ويقول جل وعلا: وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [التوبة:36].
ثامناً: أن الدعوة إلى ( وحدة الأديان ) إن صدرت من مسلم فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام؛ لأنها تصطدم مع أصول الإعتقاد، فترضى بالكفر بالله عز وجل، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الكتب، وتبطل نسخ الإسلام لجميع ما قبله من الشرائع والأديان، وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعاً، محرمة قطعاً بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة وإجماع.
تاسعاً: وتأسيساً على ما تقدم:
1 – فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً، الدعوة إلى هذه الفكرة الآثمة، والتشجييع عليها، وتسليكها بين المسلمين، فضلاً عن الاستجابة لها، والدخول في مؤتمراتها وندواتها والانتماء إلى محافلها.
2 – لا يجوز لمسلم طباعة التوراة والإنجيل منفردين، فكيف مع القرآن في غلاف واحد!! فمن فعله أو دعا إليه فهو في ضلال بعيد، لما في ذلك من الجمع بين الحق ( القرآن الكريم ) والمحرف أو الحق المنسوخ ( التوراة والإنجيل ).
3 – كما لا يجوز لمسلم الاستجابة لدعوة بناء ( مسجد وكنيسة ومعبد ) في مجمع واحد، لما في ذلك من الإعتراف بدين يُعبد الله به غير الإسلام، وإنكار ظهوره على الدين كله، ودعوة مادية إلى أن الأديان ثلاث، لأهل الأرض التدين بأي منها، وأنها على قدم التساوي، وأن الإسلام غير ناسخ لما قبله من الأديان، ولا شك أن إقرار ذلك أو اعتقاده أو الرضا به كفر وضلال؛ لأنه مخالفة صريحة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع المسلمين، واعتراف بأن تحريفات اليهود والنصارى من عند الله، تعالى الله عن ذلك. كما أنه لا يجوز تسمية الكنائس ( بيوت الله ) وأن أهلها يعبدون الله فيها عبادة صحيحة مقبولة عند الله؛ لأنها عبادة غير دين الإسلام، والله تعالى يقول: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85] بل هي بيوت يُكفر فيها بالله، نعوذ بالله من الكفر وأهله. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى [22/162]: ( ليست، أي: البيع والكنائس، بيوت الله وإنما بيوت الله المساجد، بل هي بيوت يُكفر فيها بالله، وإن كان قد يذكر فيها، فالبيوت بمنزلة أهلها، وأهلها كفار، فهي بيوت عبادة الكفار ).
عاشراً: ومما يجب أن يعلم أن دعوة الكفار بعامة وأهل الكتاب بخاصة إلى الإسلام واجبة على المسلمين بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة، ولكن ذلك لا يكون إلا بطريق البيان والمجادلة بالتي هي أحسن، وعدم التنازل عن شيء من شرائع الإسلام، وذلك للوصول إلى قناعتهم بالإسلام ودخولهم فيه، أو إقامة الحجة عليهم ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيّ عن بيّنة، قال الله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران:64] أما مجادلتهم واللقاء معهم ومحاورتهم لأجل النزول عند رغباتهم، وتحقيق أهدافهم، ونقض عُرى الإسلام ومعاقد الإيمان فهذا باطل يأباه الله ورسوله والمؤمنون، والله المستعان على ما يصفون، قال تعالى: وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ [المائدة:49].
وإن اللجنة إذ تقرر ذلك وتبينه للناس فإنها توصي المسلمين بعامة وأهل العلم بخاصة بتقوى الله تعالى ومراقبته، وحماية الإسلام، وصيانة عقيدة المسلمين من الضلال ودعاته، والكفر وأهله، وتحذرهم من هذه الدعوة الكفرية الضالة ( وحدة الأديان ) ومن الوقوع في حبائلها، ونعيذ بالله كل مسلم أن يكون سبباً في جلب هذه الضلالة إلى بلاد المسلمين وترويجها بينهم. نسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعيذنا جميعاً من مضلات الفتن، وأن يجعلنا هداة مهتدين، حماة للإسلام على هدى ونور من ربنا حتى نلقاه وهو راض عنا.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
التصنيف: المنتدى الاسلامي
تحميل حلقات طھظپط³ظٹط± ط³ظˆط±ط© ط§ظ„ظپط§طھطط© لل ا.د/عبد الحي الفرماوي
يمنع وضع روابط اعلانية فالعام والتواقيع
لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده
متجر حلم مفسر
حلمت أني كنت في ظ…طھط¬ط± واخترت فوطة وبيجاما لي وحذاء للمنزل لامي لكني اخترت البيجاما لونه بنفسجي وحذاء المنزل ابيض قال لي البائع ان سعر البيجاما 2600ريال لكني قلت له 2022ريال واخذتها ب2017
ملتزمة انا وامي حفيظة
بعد الفجر
لا اعاني من مشاكل
عازبة
لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده
العنوان طھطظپط© ط§ظ„ط£ط·ط¨ط§ط، من ظƒظ„ط§ظ… خير الأنبياء " الأربعون الطبية " المؤلف د. وسيم فتح الله رابط التحميل << اضغط هنا >>
لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده
العنوان قصص ط±ط§ط¦ط¹ط© من ط§ظ„ط£ط´ط±ط·ط© النافعة المؤلف محمد بن يحي مفرح رابط التحميل << اضغط هنا >>
لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده
العبودية [ ط¹ط¨ظˆط¯ظٹط© ط§ظ„ظƒط§ط¦ظ†ط§طھ ]
ملخص الخطبة
1- أن تحقيق ط§ظ„ط¹ط¨ظˆط¯ظٹط© هي الغاية من خلق الخلق ولذا أرسل الله الرسل وأنزل الكتب 2- صور من عبودية الدواب لله عزّ وجل 3- صور من عبودية الشجر والنبات لله عز وجل 4- صور من عبودية الجبال لله عز وجل 5- عبودية الريح وعبودية السماوات والأرض
الخطبة الأولى
أما بعد:
قال الله تعالى: وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون إن تحقيق العبودية لله، مطلب شرعي لابد من تحقيقه، بل إن الله عز وجل خلق الكائنات كلها لعبادته، من إنس وجن وملائكة وحيوان ونبات وجماد، وغيرها من الموجودات، فطرها سبحانه على توحيده والاعتراف بألوهيته والإقرار بفقرها واحتياجها وخضوعها له جل وعلا، إلا إننا نجد العجب من أمر هذا الإنسان من انصرافه وبعده عن العبودية الحقة لله، وانشغاله بملذات الدنيا وشهواتها، ولذا فقد كان هذا الإنسان في مجموعة أقل الكائنات عبودية، وأكثرها معصية وأشدها استكبارا على مقام العبودية: قتل الإنسان ما أكفره – إن الغاية من دعوة الرسل جميعا لأقوامهم هم العبودية ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فموسى عليه السلام كان أول ما أوحى الله تعالى به إليه إنني أنا الله لا اله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري وأول ما نطق به عيسى عليه السلام أمام قومه: وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى له: واعبد ربك حتى يأتيك اليقين فكان عليه الصلاة والسلام قمة المثال الذي يقتدي به في تحقيق العبودية فوصل إلى أعلى مراتبها وأسمى منازلها فكان أحق من يوصف بهذا الوصف وأهلها دون غيره من البشر، نعود إلى موضوع هذا الإنسان وعبوديته لله عز وجل، وسيكون لنا معه حديث خاص لكن قبله لنستعرض كائنات ومخلوقات أخرى غير الإنسان، وما مدى قربها وبعدها من تلك العبودية عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ليس من شيء بين السماء والأرض إلا يعلم أني رسول الله إلا عاصي الجن والأنس)) قال الله تعالى: تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً فلنبدأ بعرض بعض الصور من عبودية الحيوانات والدواب. إن هذه الحيوانات لها عبوديات تخصها، تشترك في بعضها مع الإنسان في الاسم وتختلف في الكيفية: وكثير من هذه الحيوانات تقدم عبوديتها لخالقها أحسن من كثير من البشر، فهذه الدواب تسجد لربها: ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون ومن عبوديتها أن هذه الدواب تخاف من يوم الجمعة لأنها تعلم بأن الساعة تقوم يوم الجمعة، وكثير من الإنس في غفلة، روى الإمام أحمد بسند صحيح عن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من دابة إلا وهي مصيخة أي منصتة ومستمعة – يوم الجمعة خشية أن تقوم الساعة)) ومن عجيب عبودية هذه الدواب لربها أنها تستريح إذا مات رجل فاجر في هذه الأرض روى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه جنازة فقال: ((مستريح ومستراح منه، فقالوا: يا رسول الله، ما المستريح وما المستراح منه؟ قال: إن العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله تعالى، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب)) إن الدواب تنـزعج من وجود الفاجر في الأرض لأنه مبارز لله عز وجل، لذا فإذا مات الفاجر، استراحت منه البهائم، سبحان الله، حتى البهائم والدواب تميز بين أولياء الله وأعداء الله، وكثير من الإنس في غفلة.
أيها المسلمون:
فمن هذه الدواب والحيوانات – البقرة – روى البخاري في صحيحه: ((بينما رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها، فقالت: إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث، فقال الناس: سبحان الله بقرة تتكلم، فقال عليه الصلاة والسلام: فأني أؤمن بهذا أنا وأبو بكر وعمر)) فالبقرة تكلمت بأمر الله عز وجل، إلى هذا الرجل لتفهمه، سوء استخدامه لها وان هذا يتنافى مع العبودية لله، وأنها لا تضرب بدون مبرر، وأنها إنما خلقت للحرث ونحوه، وأنها تؤدي العبودية التي أمرت بها.
ومن عبوديات الدواب: الحيتان: روى ابن ماجه قوله: صلى الله عليه وسلم: ((إنه ليستغفر للعالم من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في البحر)) وعند الترمذي: ((إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض، حتى النملة في جحرها وحتى الحوت، ليصلون على معلم الناس الخير)) إن الحيتان في البحر والنملة في جحرها، يقدرون فضل العلماء والدعاة والمصلحين، ومعلمي الناس الخير، ورواية ابن ماجه تشعر بأن كل الكائنات علويها وسفليها، حيوانها ونباتها وجمادها، تقدر منـزلة أهل العلم وأهل الدعوة والحريصين على مصالح الناس ومعلمي الناس الخير فهي تستغفر لهم، وسبحان الله وكثير من الإنس في غفلة عن علمائهم ودعاتهم ومشايخهم ومعلمي الناس الخير.
ومن صور عبودية الدواب العجيبة: عبودية الذئب: روى الإمام أحمد بسند صحيح عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال: عدا الذئب على شاة فأخذها فطلب الراعي فانتزعها منه، فأقعى الذئب على ذنبه، قال: ألا تتقي الله تنزع مني رزقا ساقه الله إلي، فقال: يا عجبي ذئب مقعٍ على ذنبه يكلمني كلام الإنس، فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد صلى الله عليه وسلم بيثرب، يخبر الناس بأنباء ما قد سبق، قال فاقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة، فزواها إلى زاوية من زواياها، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي: الصلاة جامعة، ثم خرج فقال للراعي، أخبرهم فأخبرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صدق والذي نفسي بيده)).
ومن عبودية الدواب عبودية الديك واأنه يوقظ للصلاة، قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام أحمد: ((لا تسبوا الديك فإنه يدعو إلى الصلاة))، وفي رواية أبى داود: ((فإنه يوقظ للصلاة)) إذا كان سب الديك لا يجوز لأنه يأمر بالمعروف ويدعو إلى الصلاة، فكيف بالذي يسب من يدعو إلى الصلاة من أصحاب الهيئات. إن التعرض لديك لا يجوز، لأنه يدعو للصلاة وهذا أمر بمعروف، فكيف بالتعرض لغير الديك – ممن يدعو للصلاة ولغيرها من أبواب المعروف، وينهى عن أبواب المنكر المختلفة والمنتشرة في مجتمعات المسلمين والتي لا عد لها ولا حصر، لا شك بأن التعرض لهؤلاء أقبح وأبغض عند الله عز وجل.
أيها المسلمون:
أما عبوديات النباتات فأمر عجب، فهذا الشجر، الذي نص الله جل وتعالى بسجوده له بقوله: والنجم والشجر يسجدان والأعجب حديث بن عباس في سنن ابن ماجه وسنده صحيح أنه قال: ((كنت عند النبي عليه الصلاة والسلام فأتاه رجل فقال: إني رأيت البارحة فيما يرى النائم كأني اصلي إلى شجرة فقرأت السجدة، فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي، فسمعتها تقول الله احطط عني بها وزرا، واكتب لي بها أجرا واجعلها لي عندك ذخرا، يقول ابن عباس: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ السجدة، فسجد فسمعته يقول في سجوده مثل الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة)) هذا الشجر يسمع الآذان ويشهد للمؤذن فعن أبى سعيد الخدري قال: ((إذا كنت في البوادي فارفع صوتك بالآذان فإني سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول: لا يسمعه جن ولا إنس ولا شجر ولا حجر إلا شهد له)) ان هذا الشجر يلبي مع تلبية الحاج والمعتمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من قلب يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من ههنا وههنا)) إن هذا الشجر له في تحقيق عبودية الولاء والبراء للكفرة ولليهود، تحقيق تام عبودية أحسن بمراحل ممن يتزلفون لليهود، ويطلبون ودَّهم، ويتقربون منهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله)) وفي رواية ابن ماجه: ((إلا الغرقد فإنها من شجرهم لا تنطق)). إن هذا الشجر سينطقه الله عز وجل، سيتكلم الشجر عبودية لله، وولاء له وللمسلمين، وبراء من اليهود، حتى الشجر لا يرضى بوجود اليهود، فيريد أن يعجل المسلم بقتله: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، فما بالنا لا نكون حتى بمستوى بعض الأشجار تجاه اليهود، إن أولئك الغرقديون، أمرهم مفضوح، لأن العنصر اليهودي منبوذ حتى من الشجر والحجر، لكن عجبا لبعض البشر من الغراقدة إن صح التعبير أدنى بكثير في عبوديتهم لربهم من الشجر والحجر.
أما البحر فله عبوديات عدة، لكن من أعجبها ما جاء في مسند الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث القدسي عن رب العزة: ((ليس من ليلة إلا والبحر يشرف فيها ثلاث مرات يستأذن الله تعالى أن ينتضح عليهم فيكفه الله عز وجل)) وفي رواية: ((ما من يوم إلا والبحر يستأذن ربه ان يغرق ابن آدم، والملائكة تعاجله وتهلكه، والرب سبحانه وتعالى يقول دعوا عبدي)) فيا سبحان الله، البحر يقعر ويغضب، ويستأذن الله في كل ليلة أن يهلك ويغرق الناس هل تعلمون بسبب ماذا؟ انه بسبب معاصي ابن آدم، وعدم تحقيق ابن آدم العبودية المطلوبة منهم، فيعظم على البحر أن يرى ابن آدم وهو يعصي الله فيتألم لذلك ويتمنى هلاك ابن آدم، لكن الله جل وتعالى بحلمه وعطفه ورحمته بنا يقول، دعوا عبدي.
نسأل الله جل وتعالى أن يرحم ضعفنا وأن يجبر نقصنا وأن يعفو عنا وأن لا يؤاخذنا بأعمالنا، أقول قولي هذا واستغفر الله. . .
ومن عبوديات الكائنات، عبودية الجبال لله تعالى: أما سجودها ففي قول الله تعالى: ألم تر ان الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء وأما تسبيحها ففي قول الباري جل وعلا: وسخرنا مع دواد الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين وقوله تعالى: إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق وأما عن خشية الجبال فعجب من العجب: لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون فالجبال مع صلابتها وقسوتها تخشع لله عز وجل، ومرة أخرى، وكثير من الانس في غفلة، اسمع أخي المسلم لهذا الكلام الرائع من ابن القيم رحمه الله، وهو يتكلم عن عبودية الجبال فإنه كلام ممتع للغاية، يقول رحمه الله بعدما ذكر حكمه الله تعالى في خلق الجبال قال: هذا مع أنها تسبح بحمده، وتخشع له، وتسجد وتشفق وتهبط من خشية الله، وهي التي خافت من ربها وفاطرها وخالقها على شدتها وعظم خلقها من الأمانة إذ عرضها عليه وأشفقت من حملها، ومنها الجبل الذي كلم الله عليه موسى كليمه ونجيه، ومنها الجبل الذي تجلى له ربه فساخ وتدكدك، ومنها الجبل الذي حبب الله رسوله وأصحابه إليه، وأحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومنها الجبلان اللذان جعلهما الله سورا على نبيه وجعل الصفا في ذيل أحدهما والمروة في ذيل الآخر وشرع لعباده السعي بينهما وجعله من مناسكهم وتعبداتهم، ومنها جبل الرحمة المنصوب عليه ميدان عرفات، فلله كم به من ذنب مغفور، وعثرة مقالة، وزلة معفو عنها، وحاجة مقضية، (ثم قال رحمه الله؟) ومنها جبل حراء الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلو فيه بربه، وهو الجبل الذي فاض منه النور على أقطار العالم، فسبحان من اختص برحمته من شاء من الجبال والرجال، هذا وإنها لتعلم أن لها موعدا ويوما تنسف فيها نسفا، وتصير كالعهن، فهي مشفقة من هول ذلك الموعد، فهذا حال الجبال وهي الحجارة الصلبة، وهذه رقتها وخشيتها وتدكدكها من جلال ربها وعظمته، وقد أخبر عنها فاطرها وباريها أنه لو أنزل عليها كلامه لخشعت ولتصدعت من خشية الله، فيا عجبا من مضغة لحم أقسى من هذه الجبال، تسمع آيات الله تتلى عليها، ويذكر الرب تعالى فلا تلين ولا تخشع، أ هـ رحمه الله.
ثم هذه الرياح التي نشعر بها ولا نراها قد نستغرب من شانها حين نعلم أن لها إدراكا خاصا يليق بها، فهي كانت مسخرة لسليمان عليه السلام كما قال تعالى: فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ومن عجيب عبودية هذا المخلوق أنها هاجت لموت منافق، روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر فلما كان قرب المدينة، هاجت ريح تكاد أن تدفن الراكب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بعثت هذه الريح لموت منافق)) فقدم المدينة فإذا عظيم من المنافقين قد مات. فتأمل يا عبد الله من هيجان الريح لموت منافق في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا ادري هل منافقو زماننا هذا على دراية بهذا الحديث، لا أظن ذلك.
ومن عبوديات الكائنات، عبودية السماوات والأرض، فأولها عرض الأمانة عليهما: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً ثم إنهما مطيعان لربهما تمام الطاعة: ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ومن عجيب عبوديتهما، أنهما لا يرضيان بالشرك، فعندما نسب النصارى الولد إلى الله، وقالوا بأن عيسى ابن الله، فما إن سمعت السماوات والأرض ذلك الافتراء الكاذب حتى كادت تهد هدا، قال عز وجل: تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً ان دعوا للرحمن ولداً وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً .
بل والأعجب في عبوديتهما، هو بكاء السماوات والأرض على فراق المؤمنين الصالحين، قال الله تعالى: فما بكت عليهم السماء والأرض إنهما لا يبكيان على الكفار ولا على المنافقين ولا على المحاربين لشريعة الله، بل يبكيان على فراق المؤمن الصالح لهذه الدنيا.
والأعجب منه أن الأرض لا تقبل أجساد بعض المنافقين للدفن فيها، فكلما دفنوا لفظتهم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان منا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق هاربا حتى لحق بأهل الكتاب قال فعرفوه، قالوا: هذا يكتب لمحمد فاعجبوا به، فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم، فحفروا له فواروه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، ثم عادوا فحفروا له فواروه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، فتركوه منبوذا.
إن المنافقين والعلمانيين على خطر عظيم. إن هذه الأرض التي نمشي عليها ونطأها بأقدامنا سيأتي عليها يوما تحدث أخبارها، وهذا من عبوديتها بأن فلان ابن فلان فعل كذا وكذا في يوم كذا وكذا، بأن ربك أوحى لها، وقد يوحى لها ربها بأن لا تقبل أجساد أصناف من البشر لجرائم فعلوها على ظهرها، وقد تقبلهم الأرض، فتشتعل عليهم وهم في بطنها، فكما أن الله قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء وهذه من عبوديتها فقد يأمرها سبحانه فتفتك ببعض الناس جزاءً لهم على أعمالهم، فلينتبه الإنسان من الأرض، وليعمل عليها خيرا، وليجتنب محارم الله، وليحقق عبوديته لمولاه على هذه الأرض فإن الأرض أيضا لها عبودية لابد وأن تؤديها.
لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده
دمعة في ط§ظ„طط¬ محمد بن سرار اليامي
الحمد لله رب العالمين مدبر الخلائق أجمعين باعث الرسل صلواته وسلامه عليهم لهداية الثقلين وبيان الهدى وشرائع الدين.
أحمده على الهدى بعد العمى وأشكره على التوفيق لسلوك الطريق فله الحمد والثناء وهو للحمد أهل..
والصلاة والسلام على من جمع الله به شعث البشرية ووحد به كيان الإنسانية وحمل مشعل الوحدانية ولم به فرقة العربية.وعلى آله وصحبه الكرام البررة وسلم تسليما كثيرا..وبعد:
إليك والا لا تشد الركائب
ومنك والا فالمؤمل خائب
وفيك والا فالعزم مضيع
وعنك والا فالمحدث كاذب
لماذا هذه الدمعة؟
أيها المبارك : هذه الدمعة .. بل دمعات وعبرة.., بل عبرات هيجها الفؤاد, وكتبتها المقل بالمداد ( ط¯ظ…ط¹ط© في الحج )…لا ككل الدمعات..
إنها دمعة صادقة..
إنها دمعة حارة..
إنها دمعة أسى , ولوعة.. اعتصرها القلب ألما ففاضت بها المدامع.
دمعة طالما حلمت بالمشاعر المقدسة.. والبقاع الطاهرة..
وهاهي اليوم تسكب هاهنا.. وترتمي في أحضان عرفات . ومنى..
دمعة تسابق الأريج . وتمازح دموع الحجيج . طالما حبست في المحاجر . وهاهي اليوم تهاجر ..
آه .. ثم آه من حرارة الحشا , وحلاوة اللقا.
يا راحلين إلى منى بقيادي *** هيجتموا يوم الرحيل فؤادي
سرتم و سار دليلكم يا وحشتي *** الشوق أقلقني وصوت الحادي
قال المعصوم عليه الصلاة والسلام لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : هنا تسكب العبرات يا عمر
وصدق صلى الله عليه وسلم.
فقل لي بربك عمن لم يبك في هذا المكان..ومن لم تبلل دموعه الأدران.هذا هو الخسران..هذا هو الخسران..
في هذه الدمعة
في هذه الدمعة: تحقيق للعبودية وإظهار للافتقار وكشف حساب أثقلته الأوزار..
في هذه الدمعة: ذكر لمن جل ذكره وشكر عظم بره..
في هذه الدمعة: استشعار للمنة وعمل بالسنة ليكون المآل للجنة بأذن الله وفضله ومنه.
في هذه الدمعة: شكر للتوفيق وحمد على الهداية للطريق وإظهار للحال بلا ريق..
في هذه الدمعة: خضوع وانكسار وذلة لتغفر الذنوب وتسد الخلة وتحط السيئات وتعظم الحسنات وترفع الدرجات وتقبل القربات..
في هذه الدمعة: فرح بهزيمة الشيطان ورده خائبا خاسرا على عقبيه.. اذ ان الجبار قد غفر لأهل الموقف وتجاوز عنهم نسأل الله الكريم من فضله..
في هذه الدمعة أيضا: ذكريات عزيزة وأيام خلت لنا فيها عبرة.. فيها كان الخليل إبراهيم عليه السلام يسطر حروف التاريخ بمداد من نور النبوة الساطع ويظهر للبشرية طاعة رب البرية الخضوع والخشوع والانقياد حتى ولو بذبح الأولاد..
وفي هذه الأزمنة والأمكنة الفاضلة يظهر إسماعيل عليه السلام الرضا بأمر الخليل فيقيده الوالد والله شاهد فيهب الكريم ذبح عظيما فيسلم الولد وينجح الوالد في تحقيق أمر الحق جل وعز
وفي هذه الأزمنة والأمكنة الفاضلة يظهر المعصوم صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي يظهر الجلد والصبر على الضيم والجهر ويدعوا إلى التوحيد صباح مساء فيشرق على الكون الضياء من هنا من هذه الأماكن المقدسة والبقاع الشريفة
نعم من هنا كان تاريخنا وكانت حاضرتنا لا من ( لينين ) ولا من ( ستالين ) ولا من كل فرعون..
بل: من بلادي يطلب العلم ولا *** يطلب العلم من الغرب الغبي
وبها مهبط وحي الله بل *** أخرج الله بها خير نبي
بل وفي هذه الدمعة حرقة وأسى ولوعة على حال المسلمين في كل فج عميق..
القتل زادهم والتشريد سكنهم والدماء شرابهم والإهانة معيشتهم..
شردوا في الأرض زرافات ووحدانا ولفقت لهم شتى أنواع التهم وألبسوا كل لباس.. وهم قتلهم الوهن وأضعفهم العجز وكبلهم الكسل ومزقتهم الفرقة وضيعتهم المصالح الشخصية والأرصدة البنكية وأصبح حال الأمة اليوم حال الثكلى فلا والد ولا ولد ولا صبر ولا جلد..إلى الله المشتكى …
والغريب في الأمر أن من بني جلدتنا قوم أفكارهم غريبة ومبادئهم مريبة سلطوا ألسنتهم الحداد على أهل الصلاح ولإيمان وسلم منهم أهل السوء والفساد فجعلو ينخرون في الأمة الثكلى كما تنخر الدودة المفسدة في العصى فيسقط سليمان الإيمان على أرض الفساد فتقول لسان الحال: يا بشرى هذا غلام.. إن أهل النفاق هم وأهل الملل الكافرة من اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم يقفون في خندق واحد ضد أهل التوحيد ..
نعم ضد أهل الإيمان والعقيدة السمحة البيضاء النقية وصدق الله جل وعز إذ يقول: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى } (120) سورة البقرة
والمؤمن الغيور حينما يرى الواقع المرير وما آلت إليه الحال لا يملك إلا هذه الدمعة فتهراق على مقلة طالما حلمت بعز الإسلام وأهله وذل الكفر وأهله…
بل وفي هذه الدمعة: استشعار للوحدة الإسلامية وارتباط بهدف موحد..
فالدين واحد..
والرب واحد..
والنبي صلى الله عليه وسلم واحد .. والقران واحد
والسنة واحدة والقبلة واحدة والمشاعر واحدة والجنة واحدة والطريق واحد
وفي هذه الدمعة حزن على التفريط في زمن الحياة فأن العمر ساعة فهنيئا لمن جعلها في طاعة …
والعبد حينما يذكر الساعات الضائعة من عمره لا يملك عبرته فتهراق ندما على التفريط في زمن الصبا فرط في الخيرات وما كان مطيعا واشتغل بالملهيات إذا كان مستطيعا
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه وأراه أيسر ما عليك يضيع
وفي هذه الدمعة: أنين وحنين من الأمل المنشود من الرب المعبود.. فما أجمل الأمل .. حين يحدو مطايا القلب .. فهو نور في ظلام وفرح وسلام.. نعم ان العبد ليقبل على ربه ومولاه فينطرح بين يديه سبحانه ويؤمله ويسأله.. أن يعفو عنه وأن يقبل منه وأن يتوب علية فيمن فيما تاب عليهم ..أن العبد ليتملق سيده جل وعز أن يعفو عن زلاته وان يصفح عن غدراته واجرامه..فتدمع العين في الموقف الطاهر وتسكب العبرة عندما يرن في الأذن قول الحق جل وعز: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (53) سورة الزمر
فإنما هي حسرة على الذنب..
فعبرة من الخوف ..
فدمعة من الوجل..
فدعاء مع الذل..
فرحمة من ارحم الراحمين.. { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } (60) سورة غافر
ولين لسان حالك ايها المبارك :
أمولاي إني عبد ضعيف *** أتيتك أرغب في مالديك
أتيتك أشكو مصاب الذنوب *** وهل يشتكى الضر الااليك
فمن بعفوك يا سيدي *** فليس اعتمادي إلا عليك
أيها المبارك : انثر العبارات..واسكب الدمعات في هذه العرصات عساك أن ترحم مع المرحومين وتقال مع التائبين…. وتبل مع المقبولين..
ثم اعلم أيها المبارك : أنك في مكان شريف فاضل وفي زمان شريف فاضل فاجعل زادك في حجك العمل الصالح والتقرب إلى الله بشتى أنواع القربات عسى أن تكون من المقبولين..
وفي هذه الدمعة أيضا : تذكر لليوم الآخر واستعد له ..فأنت ترى الجموع قد غصت بهم البقاع الطاهرة والأماكن الشريفة في لباس واد هو البياض.. فتدمع العين لهذا المشهد المهول…آلاف مؤلفة ورؤوس مكشفة .. رداء واحد وأزار واحد ..
فنسأل الذي جاءوا من أجله في هذا الصعيد الواحد الا يحرمهم الأجر والا يخيب فيه رجاءهم وأن يعمنا وإياهم برحماته انه ولي ذلك والقادر عليه
أيها المبارك: تذكر الكفن وأنت ترى البياض على الناس ..تذكر الحشر وأنت ترى الآلاف تذكر الموقف الرهيب والخطب المهيب تذكر خضوع الناس لرب العالمين ووقوفهم بين يديه جل وعز في صعيد واحد ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي.
ثم أيها المبارك بادر قبل ان تبادر بادر بالتوبة وأصلح الحال مع الله جل وعز. بادر بترك كل مخالفة لشرع الله..بادر بتحكيم امر الله في جميع شؤونك بادر بنبذ البدع والخرافات والقبوريات والطرقيات والحق بركب أهل الحق أهل الكتاب والسنة …
في هذه الدمعة أيضا الخضوع والذل والانكسار بين يدي رب الأرباب والتملق والانطراح بين يديه جل شأنه ..وإظهار الفقر والفاقة والدعاء.. نعم الدعاء.. فهو سلاح المؤمن
ومن مظنة إجابته بعض الأحوال والأماكن والأزمان منها :
• ما كان في حال السفر فدعوة المسافر مستجابة لاترد والحاج مسافر لطاعة.
• وكذلك دعوة الحاج فإنها مظنة الإجابة قال صلى الله عليه وسلم (الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم) رواه ابن ماجه وصححه الألباني
• وكذلك الدعاء في بعض الأماكن الشريفة والأزمنة الفاضلة.
فعند الصفا وعند المروة ويوم عرفة قال عليه الصلاة والسلام أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة أنا والنيون من قبلي : لا اله إلا الله وحده لاشريك له) رواه الترمذي
• وكذلك الدعاء عند المشعر الحرام وكذلك الدعاء بعد رمي الجمرتين الصغرى والوسطى وكذلك عند شرب ماء زمزم وكذلك في جوف الليل ووقت السحر ودبر الصلاة المكتوبة وفي السجود وبعد المطر وبعد الوضوء وبين الأذان والإقامة وبعد الصلاة على النبي صلى الله علية وسلم في التشهد الأخير ودعاء المضطر ودعاء الوالد لولده .
أيها المبارك : فالله الله بالدعاء .. ألح على الله به فانك في مواطن إجابة …أسأل الله أن يتقبل منا منكم صالح الأعمال وان يغفر الزلل ووفق الله الجميع لصالح النية والعمل وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد .
تمت في رياض نجد عمرها الله بطاعته وحرسها من كل سوء .
صيد الفوائد
لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده
السلامٌ من الله عليكمْ يغشاكمْ
………. و عفواُ منه يشملكمْ أحبتيَّ
لا مجيبْ سواه , و لا مغثيث إياه , قاضي الحاجات و محقق الرغبات !
الله
لِذا كان هذا المحرابْ , محرابُ توسلاتْ لباب السَماء هي أقربْ
فقط أحسنوا الظنْ بهِ و توسلوه
لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هنا
سبحان الله و بحمده
خلخال ذهب حلم مفسر
السلام عليكم و رحمة الله
هذا المنام لخطيبي
راى كأني زوجته في المنام و في غرفة لابسة جلباب ابيض و ط®ظ„ط®ط§ظ„ ذهب في كل رجل و كنت اناظر المرآة و اتبسم ,, هو ما كان معي في الحلم بس حاسسني زوجته وقتها
نام على زعل مع امو عشان مصرة على فسخ الخطبة و عدم اتمام الزواج و تعبت و وداها المشفى و طمنها انو حيفسخ الخطبة و هو ناوي يحاولها بعد ما تطيب و ستكون اخر محاولات لان الامر طال و بدانا نياس
تونسي
موظف
عادي تدينو
منذ يومين