الترجمة (بالإنجليزية: Translation)، هي نقل المحتوى من لغة المصدر إلى لغة الهدف .
مقدمة
الترجمة تعتبر فن مستقل بحد ذاته حيث انه يعتمد على الابداع والحس اللغوي والقدرة على تقريب الثقافات و هو يمكن جميع البشرية من التواصل والاستفادة من خبرات بعضهم البعض.
أنواع الترجمة
ترجمة تحريرية:هي ترجة نص مكتوب إلى نص مكتوب بلغة اخرى.
ترجمة تتبعية:هي عندما يستمع المترجم للمتحدث وعندما يصمت المتحدث يبداء المترجم بإعادة ما قاله المتحدث باللغة المترجم لها, وعادة يستخدم هذا النوع من الترجمة في المقابلات بين رؤساء الدول و كبار المسؤلين .
ترجمة فورية: هي طھط±ط¬ظ…ط© ما يقال من قبل شخص اثناء حديثه بحيث يضع المترجم سماعة يستمع من خلالها للمتحدث وفي نفس الوقت يترجم إلى اللغة الاخرى,ويعد هذا النوع اصعب انواع الترجمة على الاطلاق حيث انه لايستحمل الخطاء او التفكير ولابد من ان يكون الترجم متقنا لكلتا اللغتين, ويتخدم هذا النوع من الترجمة في البرامج التلفزيونية المباشرة التي يستضاف فيها اجانب كما نشاهد عادة في قناة الجزيرة والعربية.
مشاكل الترجمة
يجمع دارسو الترجمة وممارسوها على أن من أعظم مشاكل الترجمة هي عجز المترجم – أياً كان – في توصيل المعنى الدقيق لأية مفردة في النص الذي يريد نقله إلى لغة أخرى، وترجع هذه المشكلة إلى عدة عوامل، أهمها:
أن كل لغة تحمل في طياتها العديد من المرادفات التي تختلف في معانيها اختلافاً طفيفاً عن بعضها البعض، ويقول الكثيرون بأنه لو لم يختلف المرادف (أ) عن المرادف (ب) لما وجد الاختلاف في شكل الكلمة ولا هيئتها.
إن كل لغة لا بد وأنها تنتمي إلى ثقافة معينة، وبالتالي فإن المترجم قد ينقل الكلمة إلى لغة أخرى ولكنه لن يستطيع أن ينقل ثقافة هذه الكلمة بشكل فعال بحيث ينقل تصور صاحب الكلمة الأصلية إلى اللغة المستهدفة في الترجمة.
إن كل لغة ذات طابع خاص في تركيب الجملة وترتيب مفرداتها (أي، القواعد) فمثلاً، اللغة العربية تحمل في طياتها الجملة الإسمية والجملة الفعلية، بينما لا توجد الجملة الفعلية في اللغة الإنجليزية على سبيل المثال، فكل الجمل الإنجليزية هي جمل إسمية، وبالتالي فإن اختلاف التراكيب القواعدية للغات يجعل من مشكلات الترجمة عدم وجود مقاييس واضحة لنقل التراكيب، هذا بعد النقل الناجح للكلمة واختيار المرادف المناسب ذو المعنى القريب للكلمة، والتي يجب أيضاً أن تتحلى بثقافة اللغة الهدف حتى يصل المعنى صحيحاً دقيقاً وسليماً من الثقافة المصدر لعملية الترجمة.
تاريخ الترجمة
محطات في تاريخ الترجمة العربية عرف العرب الترجمة منذ أقدم عصورهم، ولقد أشار الدكتور عبد السلام كفافي في كتابه "في الأدب المقارن" إلى أن العرب كانوا "يرتحلون للتجارة صيفاً وشتاءً ويتأثرون بجيرانهم في مختلف نواحي الحياة، لقد عرفوا بلاد الفرس، وانتقلت إليهم ألوان من ثقافتهم… وانتقلت بعض الألفاظ الفارسية إلى اللغة العربية، وظهرت في شعر كبار الشعراء، وكان الأعشى من أشهر من استخدموا في شعرهم كلمات فارسية. كذلك عرف البعض جيرانهم البيزنطيين
إذن احتك العرب منذ جاهليتهم بالشعوب الثلاثة المحيطة بهم، وهي الروم في الشمال والفرس في الشرق والأحباش في الجنوب، ومن الصعب قيام مثل هذه الصلات الأدبية والاقتصادية دون وجود ترجمة، وإن كانت في مراحلها البدائية.
وفي زمن الدولة الأموية، تمت ترجمة الدواوين، واهتم بحركة الترجمة الأمير خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان
الترجمة في العصر العباسي كانت بعد الفتوحات العربيّة، واتساع رقعة الدولة العربيّة نحو الشرق والغرب، واتصال العرب المباشر بغيرهم من الشعوب المجاورة وفي مقدمتهم الفرس واليونان ولا سيما في العصر العباسي، ازدادت الحاجة إلى الترجمة، فقام العرب بترجمة علوم اليونان، وبعض الأعمال الأدبية الفارسية، فترجموا عن اليونانية علوم الطب والفلك والرياضيات والموسيقى والفلسفة والنقد.
وبلغت حركة الترجمة مرحلة متطورة في عصر الخليفة هارون الرشيد وابنه المأمون، الذي يروى أنّه كان يمنح بعض المترجمين مثل حنين بن اسحق ما يساوي وزن كتبه إلى العربية ذهباً، ومن المعروف أنّ المأمون أسس دار الحكمة في بغداد بهدف تنشيط عمل الترجمة، ومن المعروف أن حنين بن اسحق ترجم وألف الكثير من الكتب وفي علوم متعددة، وتابع ابنه اسحق بن حنين بن اسحق هذا العمل.
ففي القرن التاسع الميلادي، قام العرب بترجمة معظم مؤلفات ارسطو، وهناك مؤلفات كثيرة ترجمت عن اليونانية إلى العربيّة، وضاع أصلها اليوناني فيما بعد، فأعيدت إلى اللغة اليونانية عن طريق اللغة العربية أي أنها فيما لو لم تترجم إلى اللغة العربيّة لضاعت نهائياً.
وكان المترجمون من أمثال حنين بن اسحق وثابت بن قرة يتقنون اللغة العربية والسريانية وكذلك
العلوم التي يترجمونها. وكان حنين بن اسحق قد عاش فترة في اليونان بهدف دراسة اللغة اليونانية، وكان يترجم الجملة بجملة تطابقها في اللغة العربية، ولا يترجم كل مفردة على حدة، كما ترجم يوحنا بن البطريق وابن الحمصي وغيرهما. وكذلك فإن الطريقة التي اتبعها حنين بن اسحق هي الأفضل. من بين الكتب التي ترجمها حنين بن إسحق كتاب "الأخلاق" لأرسطو، وكتاب "الطبيعة" للمؤلف نفسه. وكان العرب في العصر العباسيّ يهتمون بدقة الترجمة ولهذا ظهرت عدة ترجمات لنص واحد، فعلى سبيل المثال ترجم أبو بشر متى بن يونس كتاب "الشعر" لأرسطو (384-322) ثم ترجمه مرة ثانية يحيى بن عدي. فتكرار الترجمة يدل على الحرص على دقتها.
ترجمة كتاب "كليلة ودمنة": ترجمه ابن المقفع حوالي 750م، ألف كتاب "كليلة ودمنة" باللغة السنسكريتية الفيلسوف الهندي بيدبا وقدمّه هدية لملك الهند دبشليم الذي حكم الهند بعد مرور فترة من فتح الاسكندر المكدوني لها، وكان ظالماً ومستبداً، فألف الحكيم بيدبا الكتاب من أجل إقناعه بالابتعاد عن الظلم والاستبداد، وبهدف إسداء النصيحة الأخلاقية. والكتاب مجموعة من الأمثال على ألسنة الحيوانات.
وقام الطبيب الفارسي برزوية بنقل الكتاب من بلاد الهند وساهم بترجمته من السنسكريتية إلى الفارسية في عهد كسرى أنو شروان ووزيره بزرجمهر، الذي له دور كبير في تأليف وترجمة الكتاب.
وقام عبد الله بن المقفع وهو فارسي الأصل في عهد الخليفة أبي جعفر المنصور بترجمته من الفارسية إلى العربية وأضاف إليه بعض الأشياء، وكان هدف عبد الله بن المقفع من ترجمة "كليلة ودمنة" تقديم النصيحة للمنصور للكف عن ظلم العباد، فأراد ابن المقفع من كتابه الإصلاح الاجتماعي، والتوجيه السياسي، والنصح الأخلاقي. ولكنه نفسه لم ينج من الظلم فقتله الخليفة.
ولقد حدث أن أعيدت ترجمة كتاب "كليلة ودمنة" إلى اللغة الفارسية عن النص العربيّ، لضياع الترجمة الفارسية وهو الأمر نفسه الذي حدث لبعض النصوص الإغريقية وكانت لغة عبد الله ابن المقفع جميلة بعيدة عن الابتذال وتمت الترجمة، كما هو معروف عن لغة وسيطة، لأن الكتاب بالأصل كتب باللغة الهندية القديمة، وليس باللغة الفارسية.
وجرت على الكتاب بعض التعديلات قام بها الطبيب الفارسي برزوية أثناء الترجمة إلى الفارسية وكذلك أضاف الوزير الفارسي بزرجمهر بعض الأشياء إلى الكتاب مثل ما يخص بعثة برزوية إلى بلاد الهند، وأثناء الترجمة من الفارسية إلى العربية أضاف عبد الله بن المقفع بعض الأشياء، ولقد أشار إلى هذه الأمور فاروق سعد في مقدمته لكتاب كليلة ودمنة0
وبالوقت ذاته بدأت الترجمة في العصر العباسي من اللغة العربية إلى اللغات الأجنبية، ولقد أشار المستشرقون إلى دور العرب في الحضارة الأوروبية، في هذه الفترة. كما أشار بعض الأدباء الغربيين إلى فضل علوم العرب على الغرب نذكر من هؤلاء الأديب الألماني غوته (1749-1832).
نقد الترجمة
في مدرسة محمد موسى الخطيب للترجمة يكمن نقد الترجمة وعدم ظهور كفاءة النصوص المترجمة إلى أن العديد من الترجمات لا تقرأ، فيعتقد المترجم بأنه مترجم محترف مع العلم بأن قلائل من المترجمين الذين لا تكتشف أخطاءً واضحة في ترجماتهم (ما في حدا يقرأ ورق). فمثلاً: عندما تريد أن ترجم أي وثيقة من لغة إلى أخرى ينظر المستفيد من الترجمة إلى العنوان الرئيسي للورقة إضافة إلى اسم الشخص، وأما المحتويات الداخلية فلا يقرأها أحد.
أما في مدرسة شادي سعيد النمروطي في الترجمة فإن نقد الترجمة يبدأ من أن المترجم قد تعلم الترجمة على أيدي مدرسين لا يتقنون اللغة التي يدرسونها. وبالتالي فإن التعليم الذي تعلمه المترجم في ترجمة النصوص يكون قد بني على أسس غير صحيحة.
ونقلا عن موقع المنظمة العربية للترجمة يضيف علي موفق الدقامسة هذه المقالة
اصول التعريب
لقد جرى الكثيرون من نقلة لغات الافرنج إلى العربيّة على أصول ابتدعوها لأنفسهم فشطُّوا بأكثرها عن منهج الصواب. فأجروا قلمهم بل هو جرى بهم مُطلقَ العنان يحبّر ما يريد دون ما أراد الواضع. فمن متصرفٍ بالمعنى يزيد وينقص على هواه فيفسد النقل ويضيّع الأصل. ومن متسرّع يضنُّ بدقائق من وقته للتثبت من مراد المؤلّف فيلتبس عليه فهم العبارة فينقلها على ما تصورت لهُ لأول وهلة فتنعكس عليه المعاني على كره منه. ومن ماسخ يلبس الترجمة ثوبا يرتضيه لنفسه فيتقلّب بالمعاني على ما يطابق بغيته ويوافق خطته حتى لا يبقى للأصل أثرًا. ومن عاجز يجهد النفس ما استطاع وهو وان اجهدها ما شاء غير كفوءٍ لخوض هذا العباب ثم يقوم هؤلاء الكتّاب ويسمّون ما كتبوا تعريبا واولى بهم أن يسمّوه تضمينا أو اختصارا أو معارضة أو مسخا
ولكنهم جميعا أولى بالعذر والعفو من فئة أخرى يأتي الواحد منها على الكتاب فينقله كلّه أو بعضه ثم يعرضه على الناس تأليفا من نتاج قريحته. وهؤلاء هم السرقة الدجَّالون على ان لدينا والحمد لله رهطًا من ذوي الذمة والعلم يتوخّون الصدق ويتحرَّون الضبط والاحكام ويجيدون الرسم فيأتي مثالا صادقا. فإذا نقلوا قالوا نقلنا وإذا تصرّفوا قالوا لغرضٍ تصرّفنا وإنّ ضمّنوا قالوا لامرٍ صمَّنَّا وإن عارضوا قالوا لسببٍ عارضنا فهؤلاء إذا صحّت كفاءَتهم هم الذين يجب أن يصدق خبرهم ويقتفى أثرهم
معرّبو العرب وإذا رجعنا إلى النّقلة الاوائل رأينا أنّ زمرةً كبيرة منهم كانوا من هذا الفريق الأخير وهم على تفاوت اجادتهم في تأدية المراد ممن قصد الفائدة الحقّة وتوخى الصدق والدقة وقد سلكوا في التعريب مسلكين نقلهما البهاءُ العاملي في الكشكول عن الصلاح الصفدي قال: "وللترجمة في النقل طريقا إحداهما طريق يوحنّا بن البطريق وابن الناعمة الحمصي وغيرهما وهو أن ينظر إلى كلّ كلمة مفردة من الكلمات اليونانيّة وما تدلّ عليه من المعنى فيأتي الناقل بلفظة مفردة من الكلمات العربيّة ترادفها في الدلالة على ذلك المعنى فيثبّتها وينتقل إلى الأخرى كذلك حتى يأتي على جملة ما يريد تعريبه. وهذه الطريقة رديئة لوجهين احدهما انّه لا يوجد في الكلمات العربيّة كلمات تقابل جميع الكلمات اليونانيّة ولهذا وقع في خلال التعريب كثير من الألفاظ اليونانيّة على حالها. الثاني أنّ خواص التركيب والنسب الاسناديّة لا تطابق نظيرها من لغو أخرى دائمًا. وأيضا يقع الخلل من جهة استعمال المجازات وهي كثيرة في جميع اللّغات. الطرق الثاني في التعريب طريق حنين ابن اسحق والجوهري وغيرهما وهو أن يأتي الجملة فيحصّل معناها في ذهنه ويعبّر عنها في اللّغة الأخرى بجملة تطابقها سواء ساوت الألفاظ ام خالفتها. وهذا الطريق أجود ولهذا لم تحتج كتب حنين بن اسحق إلى تهذيب الا في العلوم الرياضيّة لأنّه لم يكن قيّما بها بخلاف كتب الطب والمنطق والطبيعي والالهي فان الذي عربه منها لم يتج إلا اصلاح"
وان هذين الطريقين اللذين اشار إليهما الصلاح الصفدي منذ زهاء ستة قرون هما المذهبان المعوَّل عليهما في النقل حتى يومنا وليس وراءَهما مذهب ثالث في التعريب الصحيح. أمّا الطرقة الأولى فهي كما قال رديئة اذا أريد بها استجماع محصذل المعاني وهي أيضا انّها تذهب بطلاوة التركيب فلا تبقى لها أثرًا ولا تصلح للكتابة التي تتداولها الايدي من الخاصّة والعامّة ولا ترتاح إليها نفس مطالع. وقلّما تجد قارئًا يقوى على استتمام صفحة منها. ولكنّها مع هذا مفيدة لطالب اللّفظ دون المعنى ولذها جرى عليها بعض كتّات الافرنج في بعض التآليف المراد بها تعليم اللّغات وانتهجوها في نقل كثير من كتب الأدب والشعر كمنظومات هوميروس وفرجيليوس اذا أُريد بها إفادة طلاّب اليونانيّة واللاتينيّة دون طلاب الالياذة والانياذة. ويشطرت لصحّة فائدتها أمران أوّلهما أن يكتب الأصل بلغته ومُردفًا في اللّغة المنقول إليها. والثاني أن يكون بازائها ترجمة أخرى على الطريقة الثانية الّتي هي طريقة حنين لاستجلاءِ المعنى وإلاّ اختلطت المعاني على المطالع وغاب عنه فهم قوّة العبارة لأن الجمل على الطريقة الأولى تأتي مختلفة التراكيب مقلوبة الوضع فما يجب تقديمه في لغة يجب تأخيره في أخرى وما يجب إثباتهُ في الأصل يجب تقديره في النقل وهلمّ جرّا. فلا طلاوة ولا أحكام ولا اعراب ولا اسجام
أمّا الطريق الثانية فهي التي عوّل عليها الجمهور لحصول الفائدة فيها من الوجه المطلوب وهو نقل المعاني ورسمها رسما صحيحًا ينطبق على لغة النقل زمشرب قرّائها. فاذا قرأ المطالع فيها كتابًا معرّبًا فانّما هو يقرأ عربيّا ولا يقراه أعجميّا كما يحصل في الطريقة الاولى ولهذا يصح ان يقال انّ طريقتنا انّما هي طريقة حنين بن اسحق والجوهري
مسلك المعرّب في التعريب علمت مما تقدم ان المعرّب تحرّى الصدق في النقل مع مراعاة قوام اللّغة وعسى ان يكون ممن كُتب لهم التوفيق. واقول زيادةً للايضاح اني وطّنت النفس على ان لا أزيد شيئًا على المعنى ولا انقص منه ولا اقدّم ولا أُؤخر إلا في ما اقتضاه تركيب اللّغة. فكنت أعمد إلى الجملة سواءٌ تناولت بيتًا أو بيتين أو أكثر أو أقلّ واسكبها بقالب عربيّ اجلو رواءُه على قدر الاستطاعة ولا أنتقل إلى ما بعدها يخيَّل لي اني احكمتها
ولما كان الشعر العربي يختلف طولاً وقصرًا باختلاف أوزانه كان لا بدّ من حصول التفاوت في النسبة بين عدد ابيات الاصل وعددها في النقل. وليس في اليونانيّة شطرٌ وبيتٌ كالعربيّة فكل شطرٍ منه بيتًا كاملاً. ثم انه كثيرًا ما يحصل الترابط فيما بين بيتين وأكثر بما لا يجوز اتيان نظيره في العربيّة. ولهذا لم يكن في دائرة الامكان ان ينقل البيت اليوناني بيتًا أو شطرًا عربيًّا. اذ كلّما كثرت أجزاء بحر الشعر العربي زاد اتساعه لاستيعاب المعاني فالطويل والبسيط مثلاً يستوعب البيت منهما ما لا يتسع له السريع أو المنسرح. وهذان تامَّين يستوعبان ما لا يتسع له المجزوءُ من سائر الأبحر. فبهذه النسبة يمكن اعتبار كل بيت من الطويل والبسيط بمثابة زهاءِ بيتين من الأصل اليوناني ويقرب منهما الكامل التامُّ وكل بيتين من الخفيف والسريع والمنسرح والرجز والمتقارب والمتدارك والوافر والرمل واحَذَّ الكامل مقابل ثلاثة أبيات من اليونانيّة. فجاءت الأبيات العربية بين العشرة والاحد عسر الف بيت نقلاً عن اصلٍ عددهُ بين الستة عشر والسبعة عشر الف بيت.
وكنت أثناءَ مطالعتي ترجمات الافرنج انكر امورًا كرهت ان ينكرها غيري عليَّ فاجتنبتها. مثال ذلك تصرف البعض منهم تصرّفًا غريبًا فيبدلون معنى بآخر ولفظة بغيرها ولهم في ذلك اعتذارٌ تافهة اشرنا اليها في مواضعها. واغرب من هذا ما يقدمون عليه من الحذف والاضافة فقد رأيت في بعض المواضع ابياتًا كثيرة قضوا عليها بالحذف وأبياتًا كثيرة حسّنت لهم انفسهم اضافتها حتى أن احدهم حاك من اربعة ابيات اربعة وثلاثين بيتًا ضمّنها معاني لم تخطر على بال هوميروس
المحافظة على الأصل فكان معظم همّي ان لا اجحف مثل هذا الاجحاف فلم اتصرّف بشيءٍ من المعاني وحافظت على الألفاظ ما أمكن فان حذفت لفظة فهي اما من مكررات الاصل التي يحسن تكرارها في لغتها ولا يحسن في لغتنا واما الألفاظ التي يمكن استخراجها من المعنى وقد يمكن أن تكون من الألقاب والكنى التي يستغنى عن ايرادها كل حين. وان زدت لفظة فهي اما مما يقتضيه سياق التعبير العربي واما قافية لا تزيد المعنى ولا تنقصه. وان قدمت أو أخَّرت فكل ذلك في فسحة قصيرة يقتضيها السبك العربي وكان هذا اعظم قيدٍ قيدت به نفسي
ثم انّي اجتنبت ما أمكن حوشيَّ الكلام ووحشيَّه طمعًا بان لا تحقره الخاصة ولا يغلق فهمه على العامة. واذا اضطررت إلى اثبات كلمة لغوية فتلك اما لفظة وضعية لا يمكن استبدالها بغيرها واما قافيةٌ لا يمكن العدول عنها واما تعبيرٌ ليس ما يفضله في الكلام المأنوس
الألفاظ التي لا مرادف لها في العربيّة وليت هذا منتهى الاشكال في تعريب الاياذة فقد اعترضت لي الفاظ وتراكيب وصفية بعضها غير مألوف في العربية وبعضها لا يقابله مرادفٌ اصلاً فاضطررت إلى انتقاءِ الفاظ يمكن اطلاقها على المعنى المراد ونبهت عليها. وإلى نهج اسلوب فيالتركيب الوصفي لا يختل معه نظام العربية ودونك امثلةً يسيرة من ذلك: لآلهة اليونان طعامٌ وشرابٌ يعبَّر عنهما بلفظتين لا مرادف لهما في العربية فعبَّرت عن الشراب بالكوثر والسلسبيل كما أوضحت في الشرح (ص: 935) وعبَّرت عن الطعام بالعنبر لأن لفظها باليونانية هو عندهم طعامٌ وطيبٌ بآن واحد كما أوضحت (ص: 747)
وعند القوم آلهة وشبه آلهة كثيرون لا شبيه لهم عند العرب فلم توضع لهم اسماءٌ خاصة بهم. فحيثما اتيت على لفظة من مثل هذا رجعت إلى معنى اللفظة اليونانية وعربتها بما رادف ذلك المعنى أو قاربه فدعوت ربّات الغناء ومنشدات الآلهة "القيان" والقينة في العربية الجارية المغنية. ودعوت ربات اللطف البَهجات والخرائد فاللفظة الأولى اخذًا عن مفاد المعنى واللفظه الثانية تشبيهًا بالكلمة اليونانية التي تماثلها في اللفظ كما أوضحت في الشرح (ص: 756)
واما الموصوفات العلوية الموضوعة لمعنى معيَّن فقد سميّتها باسمائها التي تنطبق عليها في العربية فسميت الاهة الفتنة "فتنة" ورب الهول "هولاً" والاه الشقاق "شقاقًا" والساعات "ساعاتٍ" والصلوات "صلواتٍ" وهلمَّ جرًّا
التراكيب الوصفية وفي الالياذة تراكيب وصفية ملازمة لكثيرٍ من اعلامها وقد يكثر تكرارها فيها إلى حيث يُكره ذلك في العربية كوصف اخيل بخفة القدم ووصف هكطور بهز الخوذة والقول في نسطور انه راعي الشعب وفي زفس انه أبو الآلهة والبشر. ففي مثل هذه الأحوال خففت التكرار وانتقيت الفاظًا حسبتهاخفيفةً على المستمع العربي فقلت طيَّار الخطى وهيَّاج التريكة وما أشبه
تعريب الأعلام ثم انه لم يكن بالأمر السهل تعريب الأعلام بما يمجُّهُ الذوق العربي وخصوصًا اني اعلم ان قارئ امثال الالياذة لا بد ان يستثقل في أول الأمر توالي اعلام اعجمية لم يألف سمعه منها. اذا نفر تلاوتها اولاً لا يلبث ان يألفها بعد تلاوة قصيدةٍ او بعض قصيدة
وقد كانت لي هذه الأعلام في النشيد الأول عثرةً في سبيل احكامِ النظم فكان لا بد من وضع اصولٍ اعتمد عليها في سائر الأناشيد وليس في كتب العرب ما يماثل هذه الاصول. وان في كتاب سيبوبه بابًا للتعريب ولكنه اقتصر في معظمه على تتبُّع بعض الالفاظ مما استعمله العرب من أعلام الاعاجم وغيرها والنظر في ما أُلحق منها بالبناءِ العربي كبَهْرَج وجَوْرَب ودينار وديباج ويعقوب واسحق وما يلحق به كَكُرْكُم وخُرَّم وخُراسان
وجميع ما كتب الخفاجي في شفاءِ الغليل وابو حيَّان في ارتشاف الضَّرَب من لسان العرب والثعالبي في فقه اللّغة والسيوطي في المزهز وغيرهم ممن طرق هذا الباب لا يكاد يتعدَّى الالفاظ الفارسية وقليلاً من غيرها ومحصله أيضًا انه لم يضع العرب قواعد مطرّدة يمكن الرجوع اليها في مثل هذه الحال. واذا أردنا القياس على ما جاءَ في الكتب العربية من الاعلام اليونانية زادت المعضلة اشكالاً فان ايدي النساخ قد لعبت بها كل ملعب هذا فضلاً عن انهم لم يجروا بها على نمطٍ معلوم في زمن من الأزمنة الا في أحوال محصورة واسماء مشهورة. وزد على هذا ان أكثر اعلام الالياذة غير مذكور في كتب العرب. ولا ريب عندي ان المعربين والمؤَرخين توخّوا ما امكن حسن التطبيق في تعريب الاعلام ولكن عدم جريهم على خطة واحدة وسَنَنٍ معلوم ذهب بذلك الجهد ضياعًا فقالوا مثلاً ارسطاطاليس وارسطوطاليس وارسطاليس وارسطوليس وبتروه ايضًا فقاوا ارَسَط. وقالوا اسقليبيوس واسكولابيوس واسقولاب وامثال ذلك كثيرة في النثر فما بالك لو نظمت شعرًا كتبها علي موفق الدقامسه نقلا عن المنظمة العربية للترجمة
ويضيف الاستاذ علي دقامسة هذه المقالة الجيدة عن انواع الترجمة
أورد Jakobson ثلاثة تقسيمات للترجمة، نوردها فيما يلي: النوع الأول، ويسمى بالترجمة ضمن اللغة الواحدة intralingual translation. وتعني هذه الترجمة أساسا إعادة صياغة مفردات رسالة ما في إطار نفس اللغة. ووفقا لهذه العملية، يمكن ترجمة الإشارات اللفظية بواسطة إشارات أخرى في نفس اللغة، وهي تعتبر عملية أساسية نحو وضع نظرية وافية للمعنى، مثل عمليات تفسير القرآن الكريم.
النوع الثاني، وهو الترجمة من لغة إلى أخرى interlingual translation. وتعني هذه الترجمة ترجمة الإشارات اللفظية لإحدى اللغات عن طريق الإشارات اللفظية للغة أخرى. وهذا هو النوع الذي نركز عليه نطاق بحثنا. وما يهم في هذا النوع من الترجمة ليس مجرد معادلة الرموز ( بمعنى مقارنة الكلمات ببعضها ) وحسب، بل تكافؤ رموز كلتا اللغتين وترتيبها. أي يجب معرفة معنى التعبير بأكمله. النوع الثالث، ويمكن أن نطلق عليه الترجمة من علامة إلى أخرى intersemiotic translation. وتعني هذه الترجمة نقل رسالة من نوع معين من النظم الرمزية إلى نوع آخر دون أن تصاحبها إشارات لفظية، وبحيث يفهمها الجميع. ففي البحرية الأمريكية على سبيل المثال، يمكن تحويل رسالة لفظية إلى رسالة يتم إبلاغها بالأعلام، عن طريق رفع الأعلام المناسبة.
وفي إطار الترجمة من لغة إلى أخرى interlingual translation، يمكن التمييز بصفة عامة بين قسمين أساسيين:
1- الترجمة التحريرية Written Translation : وهي التي تتم كتابة. وعلى الرغم مما يعتبره الكثيرون من أنها أسهل نوعي الترجمة، إذ لا تتقيد بزمن معين يجب أن تتم خلاله، إلا أنها تعد في نفس الوقت من أكثر أنواع الترجمة صعوبة، حيث يجب على المترجم أن يلتزم التزاما دقيقا وتاما بنفس أسلوب النص الأصلي، وإلا تعرض للانتقاد الشديد في حالة الوقوع في خطأ ما.
2- الترجمة الشفهية Oral Interpretation : وتتركز صعوبتها في أنها تتقيد بزمن معين، وهو الزمن الذي تقال فيه الرسالة الأصلية. إذ يبدأ دور المترجم بعد الانتهاء من إلقاء هذه الرسالة أو أثنائه. ولكنها لا تلتزم بنفس الدقة ومحاولة الالتزام بنفس أسلوب النص الأصلي، بل يكون على المترجم الاكتفاء بنقل فحوى أو محتوى هذه الرسالة فقط.
وتنقسم الترجمة الشفهية إلى عدة أنواع:
أولا: الترجمة المنظورة At-Sight Interpreting : أو الترجمة بمجرد النظر. وتتم بأن يقرأ المترجم نص الرسالة المكتوبة باللغة المصدر SL بعينيه، ثم يترجمها في عقله، ليبدأ بعد ذلك في ترجمتها إلى اللغة المنقول إليها TL بشفتيه.
ثانيا: الترجمة التتبعية Consecutive Interpreting : وتحدث بأن يكون هناك اجتماعا بين مجموعتين تتحدث كل مجموعة بلغة مختلفة عن لغة المجموعة الأخرى. ويبدأ أحد أفراد المجموعة الأولى في إلقاء رسالة معينة، ثم ينقلها المترجم إلى لغة المجموعة الأخرى لكي ترد عليها المجموعة الأخيرة برسالة أخرى، ثم ينقلها المترجم إلى المجموعة الأولى … وهكذا. ومن الصعوبات التي يجب التغلب عليها في الترجمة التتبعية، مشكلة الاستماع ثم الفهم الجيد للنص من منظور اللغة المصدر نفسها. ولذلك فيجب العمل على تنشيط الذاكرة لاسترجاع أكبر قدر ممكن من الرسالة التي تم الاستماع إليها.
ثالثا: الترجمة الفورية Simultaneous Interpreting : وتحدث في بعض المؤتمرات المحلية أو المؤتمرات الدولية، حيث يكون هناك متحدث أو مجموعة من المتحدثين بلغة أخرى عن لغة الحضور. ويبدأ المتحدث في إلقاء رسالته بلغته المصدر SL ليقوم المترجم بترجمتها في نفس الوقت إلى لغة الحضور TL. وقد تحدثنا فيما سبق عن دور المترجم الذي يلعبه أثناء ممارسته للترجمة التحريرية. ويمكن هنا أن نلقي بعض الضوء على المتطلبات الواجب توافرها في المترجمين الذين يقومون بالترجمة الفورية.
فيجب أن يتصف المترجم الفوري بصفات معينة، من أهمها القدرة على سرعة الرد quick response والقدرة على التركيز concentration والتمتع بقدر كبير من هدوء الأعصاب relaxation والقدرة على الاستمرار في الترجمة لمدة طويلة consistence بالإضافة إلى الإلمام بحصيلة كبيرة من المفردات اللغوية vocabulary. ويلاحظ أن حوالي ثلث الترجمة الفورية تعتمد على الثقة بالنفس self-confidence.
وهناك صعوبات كبيرة تواجه المترجم الفوري، لعل من أهمها في الترجمة من العربية إلى الإنجليزية ما يتمثل في تأخر الصفة على الموصوف، ذلك أنه في اللغة الإنجليزية لابد أن تتقدم الصفة على الموصوف. ومثال ذلك، فالعربية تقول مثلا: الرجل الكبير. والمترجم الفوري لن يستطيع الانتظار حتى يسمع بقية الجملة كلها ثم يبدأ في الترجمة، فهو يقوم بالترجمة أولا بأول. ومن الصعوبات التي تواجهه أيضا في هذا الصدد، تأخر الفاعل في الجملة الفعلية. فيقال مثلا: لا يلبث أن ينكشف زيفه. ومن المعلوم أن الجملة الإنجليزية تبدأ بالفاعل … وهكذا.
كتبها علي موفق الدقامسة موقع صيد الفوائد