هل ظٹط¬ظˆط² ط§ظ„ط¬ظ…ط§ط¹ ط§ط«ظ†ط§ط، و بداية و نهاية ط§ظ„ط¯ظˆط±ط© الشهرية
حكم الجماع في فترة الحيض
——————————————————————————–
قال تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين""سورة البقرة : 222".
المحيض لغة : السيلان، يقلان حاض السيل وفاض. وهو شرعاً دم فاسد يخرج من أقصى رحم المرأة أياماً من كل شهر.
ويفسر طبياً بأنه نزف غريزي "فيزيولوجي" يحصل نتيجة تنخر بطانة رحم المرأة في نهاية الدورة الطمثية عندها.
عن أنس بن مالك أن اليهود كانت إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلواها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل الأصحاب، النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل :
"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ …" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اصنعوا كل شيء إلا النكاح". وفي رواية إلا الجماع.
لقد اختلفت الناس منذ القديم في مواقفهم حيال المرأة وقت حيضها.
وشدد اليهود في وجوب اعتزالها واعتبروا أن من مسها كان نجساً، وكانوا يعتزلونها في المأكل والمشرب والفراش.
كما أن المجوس والعرب في جاهليتهم كانوا لا يساكنوا الحائض ولا يؤاكلونها.
في حين كانت النصارى تتهاون في أمر الحيض فلا تفرق بين الحيض والطهر لا في الجماع ولا في غيره.
وجاء الإسلام بالاعتدال ونزلت الآية الكريمة فوضعت الأمور في نصابها بميزات مصلحة الفرد والمجتمع، فقرر أن الحيض ضرر وأذىّ للرجل والمرأة على السواء لكنه في نفس الوقت كرم المرأة على السواء لكنه في نفس الوقت كرم المرأة، فلم يجعلها نجسة ولا مستقذرة.
وجاءت السنة النبوية على لسان محمد صلى الله عليه وسلم : معلم الناس الخير، لتوضح أن الاعتزال إنما يكون لموضع الأذى دون غيره وبين للناس أن عاشروا أزواجكم واصنعوا كل شيء إلا الجماع.
عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كنت أشرب من الإناء وأنا حائض ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في " .رواه مسلم.
وعن عبد الله بن سعد قال: " سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن مواكلة الحائض فقال: واكلها".
وقد دلت الآية على وجوب اعتزال المرأة في المحيض فقوله تعالى : "فاعتزلوا النساء في المحيض".أمر، والأمر يقتضي الوجوب.. وعلى تحريم وطء الحائض إجماع علماء المسلمين ومستحله كافر..
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أتى حائضاً في فرجها أو امرأة في دبرها أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ".
والنفساء كالحائض وإن جامع الرجل زوجته الحائض، عالماً بالحيض وبالتحريم، لكنه غير مستحل له، مختاراً غير مكره، فقد أترتكب معصية كبيرة ويجب عليه التوبة.
ويسن له أن يتصدق بدينار إن وطئها في إقبال الدم وبنصف دينار في إدباره لما روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا واقع الرجل أهله وهي حائض، إن كان دماً أحمراً فليتصدق بدينار وإن كان أصفر فليتصدق بنصف دينار".
وغير المستحل، إن كان ناسياً أو جاهلاً لوجود الحيض أو جاهلاً لتحريمه أو مكرهاً فلا إثم عليه ولا كفارة.
أما مباشرة الرجل زوجته من فوق الإزار وهي حائض والاستمتاع بمداعبتها من فوق السرة وما تحت الركبة فهو مباح باتفاق العلماء لما صح من فعله عليه الصلاة والسلام .
فعن ميمونة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهي حائض .
وفي رواية : كان يباشر نسائه فوق الإزار وهن حيض .
ولما ورد عن حكيم بن حزام عن عمه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم : ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال : لك ما فوق الإزار" رواه أبو داود .
ولمفهوم اعتزال النساء في المحيض قولان مشهوران عند العلماء المسلمين : الأول لابن حنبل والأوزاعي وعكرمة ومحمد بن الحسن، وهؤلاء يرون أنه يجب اعتزال موضع الأذى وهو مخرج الدم، ويحرمون بذلك الجماع دون غيره.
لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : اصنعوا كل شيء إلا الجماع وجعلوا قوله صلى الله لك ما فوق الإزار ، خاص بالسائل، عم حكيم بن حزام، فلا يخصص عموم الأحاديث الأخرى فعند الحنابلة إذاً، يجوز للرجل الاستمتاع بما بين السرة والركبة من زوجته حال المحيض دون حائل عدا الوطء.
وبعض الشافعية يفصلون في هذا الأمر، جامعين بين الأحاديث الواردة بقولهم : إن كان المباشرة يضبط نفسه عن الفرج جاز وإلا لم يجز.
والثاني للحنفية والمالكية وجمهور الشافعية، وهؤلاء يرون وجوب اعتزال ما بين السرة والركبة" ما تحت الإزار" وتحريم التمتع به سداً للذريعة، ولأن من وقع حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ولظاهر الأحاديث الواردة في ذلك.
منها حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كانت إحدانا إذا كانت حائضاً فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تأتزر في فور حيضتها ثم يباشرها" متفق عليه .
ولما رواه زيد بن أسلم أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " لتشد عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها".
ولكن متى تحل الزوجة لزوجها:
قال تعالى : "ولا تقربوهن حتى يطهرن " والطهر انقطاع دم الحيض "فإذا تطهرن" أي فإذا اغتسلن بالماء"فأتوهن من حيث أمركم الله " أي فجامعوهن في المكان الطاهر من الحيض الذي أمركم وأذن لكم في إتيانه وهو القبل، ولأنه موضع النسل.
وعلى هذا لا يحل وطء الزوجة التي تنتهي حيضتها حتى تتطهر بغسل، أو بتيمم.
وبهذا قال الشافعية والمالكية والحنابلة وزفر من الحنفية.
وجمهور الحنفية على جواز قربها دون غسل إذا انقطع دم الحيض لأكثر مدته وهي عندهم عشرة أيام ولكن يندب لها عندهم أن تغتسل.
وذهب أين حزم في روايته عن عطاء ومجاهد قولهما في الحائض إذا رأت الطهر : فإنها تغسل فرجها ويصيبها زوجها.
الحكم الصحية :
ولا شك أن رأي الجمهور، باغتسال المرأة لكامل جسدهاً قبل الوطء يتوافق مع الرأي الطبي، ففيه تنشيط لأعصابها ولدورتها الدموية بعد فترة الحيض وما يرافقها عادة من همود وتعب، خاصة وأن الرائحة الخاصة للمرأة أثناء حيضها لا تقتصر على فرجها بل تمتد غالباً إلى مفرزات الجلد كافة، فيكون الغسل هو المناسب صحياً لزوالها، وهو الأقرب لمحبة الله سبحانه " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " .
فالأطباء منذ القديم أمثال أبو قراط وجالينوس اعتقدوا بوجود سموم في دماء الحيض، وأن بدن المرأة في تلك الفترة خبث كله .
وعزى د. ماخت ذبول الخضراوات إذا ما تناولتها الحائض إلى وجود تلك السموم.
كما أعلن جورج فان سميث أن وفاة حيوانات الاختبار بعد حقنها بكمية ضئيلة من دماء الحيض يعزى إلى وجود سموم فيها أسماها السموم الحيضية، غير أن برنارد زونديك برهن أن وفاة تلك الحيوانات يعزى إلى وجود الجراثيم في الحيض وليس لوجود سموم فيها.
ولقد أيدت الأبحاث الطبية الحديثة ما أثبته الشرع، مما قرره القرآن العظيم من ضرر وأذى يلحق كلاً من الرجل والمرأة إذا حصل الوقاع أثناء الحيض:
فعند المرأة : بعد انتهاء فترة الحيض يبدأ المبيض بإفراز هرمون الجريبين الذي يزداد تدريجياً ليصل ذروته في وقت الإباضة"في اليوم الرابع عشر لدروتها الطمثية"، ثم ينخفض تدريجياً لينعدم مع بدء الحيض التالي ويبقى منعدماً طيلة فترة الحيض.
وفي حياة المرأة الجنسية يقوم هرمون الجريبين بوظائف دفاعية هامة لعضويتها.
فهو يحض على نمو الطبقة البشروية الغدية لبطانة الرحم، ويزيد من مفرزاته المخاطية حيث تتشكل منها في عنق الرحم سدادة مخاطية تغلق زمن الطهر وتحول دون دخول الجراثيم التي يحملها عضو الرجل عادة أثناء الجماع إلى الرحم، مانعة حصول أي إنتان كما يزيد الجريبين من نشاط أهداب الخلايا البشروية، والتي تساهم أيضاً في دحر أي أنتان، وينعدم كل هذا النشاط الوقائي للرحم أثناء الحيض لانعدام إفراز هذا الهرمون في تلك الفترة، كما أن مخاط السدادة يتميع وينزلق مع دم الحيض تاركة عنق الرحم مفتوحاً أمام الجراثيم الغازية.
وفي المهبل، فإن للجريبين فعل منم للخلايا مفتوحاً أما الجراثيم الغازية.
وفي المهبل، فإن للجريبين فعل منم للخلايا الظهارية لبطانته يزيد من سماكتها بحيث تشكل طبقتها السطحية حاجزاً دفاعياً هاماً، كما يزيد الجريبين من مفرزات المهبل الحامضية "لوجود حامض اللبن "، هذا الوسط الحامضي يمنع الجراثيم الممرضة ويقتلها ويطهر المهبل منها.
أما أثناء المحيض، فإن الدم النازف، وانعدام الجريبين، يعدل الوسط الحامضي للمهبل أو يجعله قلوياً مما يخفض من مقاومته للإنتان إلى حد كبير ويجعله صالحاً لتكاثر الجراثيم الممرضة مما يؤهب للالتهاب.
ويحمل عضو الرجل على سطحه العديد من الجراثيم بشكل متعايش غير ممرض في الحالات الاعتيادية، وهي تدخل مهبل المرأة بشكل عفوي أثناء الجماع.
ولعدم وجود أي مقاومة للجراثيم في المهبل، فإنها تنتقل عبر عنق الرحم المنفتح خلال هذه الفترة منتقلة إلى باطن الرحم وتدخل من خلال غشائه المتسلخ النازف إلى الدورة الدموية مما يؤدي إلى حصول التهابات خطيرة في الرحم قد تمتد إلى الحوض والملحقات والمبيض وما يرافق ذلك من آلام شديدة، كما أنها قد تؤدي إلى العقم.
وإذا أضفنا لهذا كله أن مقاومة المرأة للأمراض تتضاءل إلى حدها الأدنى أثناء المحيض علمنا خطر الجماع على المرأة في تلك الفترة وإمكانية تيقظ ما كان كامناً من التهابات في أعضائها الجنسية، ومن اشتداد الانتان وخطورته عليها.
هذا ومن طبيعة العمل الجنسي أن يتقلص الرحم أثناء الرعشة الجنسية ثم يسترخي مرتشفاً محتويات المهبل من مني ومفرزات، وما تحتويه من جراثيم ممرضة، تدخل إلى باطن الرحم المتسلح أثناء الطمث مؤدياً إلى التهاب الرحم أيضاً.
هذا علاوة على أن مني الرجل يحتوي على مادة البروستاغلاندين، وهي مادة إذا دخلت الدورة الدموية للأنثى أدت إلى إحداث نقص شديد في مناعتها وقد تتعرض بذلك للهلاك عند إصابتها بأضعف الأمراض، لكن رحمة الله جعلت من بطانة الرحم عندها سداً منيعاً، إذ تقوم بإفراز مادة مضادة للبروستاغلاندين، تعدلها وتمنع تسربها إلى جسم المرأة إذا حصل الجماع وقت الطهر.
أما إذا حصل أثناء المحيض فإن بطانة الرحم المتسلخة تكون غير قادة على القيام بهذه المهمة ويستطيع البروستاغلاندين، بعد أن يرتشف إلى باطن الرحم أن ينفذ إلى الدورة الدموية ليقوم بدوره المخرب.
والهرمونات النخامية "الجريبين" التي تكون منخفضة جداً أو معدومة أثناء المحيض لا غنى عنها لإفراز المادة الشبقية في مهبل المرأة أثناء الجماع، وهذا ما يجعل المرأة معرضة بطبعها عن الجماع في فترة حيضها، وهذا ما يوضح كيف أن الخطاب وجه في الآية إلى الرجال دون النساء.
وهناك دراسة حديثة تبين علاقة حدوث سرطان عنق الرحم بكثرة حدوث الجماع أثناء المحيض.
أما عند الرجل : فالجماع أثناء المحيض يؤدي إلى تسرب مفرزات المهبل ودم الطمث وما فيها من جراثيم إلى إحليل الرجل مؤدية إلى التهابات فيه متباينة الشدة وقد تمتد منه لتصل إلى الحويصلات المنوية فالموثة "البروستات" فالبربخ فالخصية، مؤدية إلى آلام شديدة في العجان، أثناء المشي والتبول والجلوس .
وإن عدم إصابة رجل ما إذا وطئ زوجته مرة وهي حائض لا يعني أبداً انعدام وجود عوامل الأذى.
ثم أن رؤية الدم ورائحته الكريهة كثيراً ما تعرض الزوج للنفور والاشمئزاز ويؤدي لإصابته بما يسمى "القرف الجنسي" تجاه زوجته .
وقد أجرى الدكتور محمد عبد اللطيف دراسة ميدانية عند 60 امرأة تأكد له من خلالها وجود دورة لعضويات المهبل مرتبطة تماماً بالدورة الهرمونية للمبيض حيث وجد أن عصيان دودرلين"النافعة" تتواجد بكثرة طيلة فترة الطهر وتختفي تماماً أثناء الطمث في حين تواجدت أثناءه الجراثيم الضارة بأعداد كبيرة حيث تتوضع في أسفل المهبل في حين بدا الجزء العلوي منه خالياً منها تماماً.
كما وجد أن المشعرات المهبلية تزدهر وقت الحيض أربعة أضعاف ما كانت عليه وقت الطهر.
وعصويات دودرلين هي الحارس الأمين في المهبل ضد الجراثيم الضارة وهي تعيش على مخزون السكر في خلايا المهبل، هذا المخزون يتعلق بنسبة الهرمونات المبيضية في الدم، حيث وجد أن أعلى تركيز للسكر في هذه الخلايا يكون في منتصف الدورة الشهرية، ويقل تدريجياً حيث ينعدم تماماً قبيل الحيض بساعات وأثناءه.
وهذا هو السبب في أن عصويات دودرلين تلك تصل إلى قمة تكاثرها ونشاطها في منتصف الدورة. وعند حدوث الحيض نزول الدم فإن درجة التأين الحمضي للمهبل تنقلب إلى القلوية فتموت تلك العصويات وتنجرف مع تيار الدم إلى الخارج، مما يهيؤ الفرص كلها لنمو وتكاثر الجراثيم الضارة.
وذلك لأن عصويات دودرلين تحول السكر إلى حمض اللبن القاتل للجراثيم الضارة فتمتنع عن التكاثر أو تموت مع وجود عصويات دودرلين.
وفي غياب عصويات دودرلين تتكاثر الجراثيم الضارة المهبلية كما تستدعي صويحباتها من جراثيم الشرج ومجرى البول، كأنما حفل أقيم ووليمة قد أعدت والشرطي غائب، فتتكاثر أيضاً، وليس من رادع يمنع دخولها إلى باطن الرحم المتهتك، وهكذا فعضو الرجل الرطب والذي يتلوث في مدخل المهبل بتلك الجراثيم يدخلها معه لتقوم بفعلها الغادر المؤذي لكل الجهاز التناسلي للمرأة.
وصفوة القول فإن أضراراً واضحة أثبتها الطب تلحق بكل من شريكي الجماع إذا حصل أثناء المحيض، ويمكن أن تكون هي، مع غيرها مما لم نعرفه بعد، هو الأذى المذكور في قوله تعالى : " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى" وهو إعجاز قرآني طبي، يأتي في قمته أن يكون الأمر للرجل لأنه هو العنصر الفاعل في المناسبة الجنسية، ولأن المرأة تعافها بطبعها أثناء المحيض.
ولأن النفاس، هو وضع فيزيولوجي "غريزي" مشابه، كان اعتزال المرأة فيه واجب كذلك، وهو ما اتفقت عليه المذاهب الإسلامية.
الاستحاضة: إذا كان الفقهاء قد اتفقوا على حرمة الوطء في الفرج أثناء المحيض والنفاس فقد اختلفوا في الحكم عليها إذا كانت المرأة مستحاضة.
وفي بحث مستفيض عرض الدكتور ضياء الدين الجماس الحالة المرضية التي تكون عليها المرأة في أثناء استحاضتها ثم ناقش الآراء الفقهية المتباينة حول الحكم الشرعي للجماع فيه، نقتطف منها الخلاصة التالية:
الاستحاضة حالة تشبه المحيض من حيث وجود سيلان دموي من الفرج، لكنها تختلف عنه أنها حالات من نزوف مرضية لها أسباب كثيرة أهمها:
1. النزوف الطمثية: وتنجم عن تطاول فترة الحيض الطبيعية، ولا يخلوا الجماع فيها من خطر التهاب الرحم ورضوضة كما بينا.
2. النزوف الرحمية: وهي نزوف تحدث لسبب أو علة موضعية في الرحم وهي إما تحدث أثناء الحمل أو في غير حالة الحمل.
فالنزوف التي تحدث أثناء الحمل، كالرحى العذارية والحمل خارج الرحم وارتكاز المشيمية المعيب أو انقلاعها الباكر..
وكلها حالات مرضية قد تهدد حياة الأم أو الجنين، كما أنها تزداد سوءاً بالجماع الذي يرض الرحم ويفاقم الحالة المرضية.
أما في غير فترة الحمل، فهناك حالات عديدة يمكن أن تؤدي إلى النزوف الرحمية"الاستحاضة"، كالتهاب باطن الرحم والأورام السليمة والخبيثة والبوليبات وعقب الرضوض التي تصيب الجهاز التناسلي للمرأة ودوالي المهبل وعنق الرحم، وأكثرها يزيد الجماع من شدة الرض وكمية النزف ويجب استشارة الطبيب المعالج قبل الإقدام على جماع المصابة بها.
ثم يستعرض د. الجماس الآراء الفقهية فيقول بأن الجمهور ذهبوا إلى إباحة وطء المستحاضة، مستدلين إلى ما رواه أبو داود عن عكرمة عن حمنة بنت جحش " أنها كانت مستحاضة وكان زوجها يجامعها وقال : كانت أم حبيبة تستحاض وكان زوجها يغشاها "..
وأما عند الحنابلة فالرواية الراجحة أن المستحاضة لا توطأ إلا أن يخاف الزوج على نفسه الوقوع في محظور .
وتستند هذه القاعدة إلى ما رواه الخلال عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : "المستحاضة لا يغشاها زوجها".
هذا بالإضافة إلى التعليل المنطقي من أن المستحاضة بها أذى الحيض، فيحرم وطؤها كالحائض.
ويرى الدكتور الجماس أن رأي الحنابلة هذا هو المطابق لظاهر النص القرآني ولرأي الطب الوقائي وعلم الصحة، بل إن دم الحيض كما علمنا هو دم صحة في عرف جمهور الفقهاء، ولما كان الجماع محرماً باتفاق الفقهاء في هذه المرحلة السليمة)(صحياً) من حياة المرأة، فمن باب أولى منعه في حالة نزفها المرضي " الاستحاضة" وكيف يمكن أن يستسيغ الرجل أن يأتي امرأته وهي مريضة تخشى على نفسها الهلاك أو زيادة النزف والأذى ؟
ونحن مع الدكتور الجماس في معالجة موضوع الوطء وقت الاستحاضة على الوجه التالي:
1. الأولى والأكمل والأطهر أن يمتنع الزوج عن الوطء وقت استحاضة زوجته ما لم يكن هناك ضرر عليه، وله الجماع ما لم يكن هنالك ضرر على الزوجية.
2. يرجى الرأي في النهاية إلى الطبيب المعالج الاختصاصي، فهو وحده الذي يمكنه أن يقرر إمكانية الجماع أو منعه تبعاً لحالة المرأة الصحية، وأن يقدر مدى الضرر الحاصل نتيجة الوطء على كل من الزوجين، والشرع قد أعطاه هذا الحق "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".
ومن خلال بحثنا هذا ندرك عظمة الدين الإسلامي الحنيف في منع كل ما هو ضار لصحتنا، وهي تزداد رسوخاً في قلوبنا على مر العصور، ومع تقدم العلوم والمعارف الطبية وأنه دين الفطرة السليمة الذي يتوافق قطعاً مع الحقائق العلمية، وهو دين الحق المنقذ لنا من الضلال والهلاك في ديننا وآخرتنا.