مـع إشراقــة الفجـر…وتغـاريد البلابل…وشقشقة العصــافير، وهديل الحمـام…وخرير المــاء.. أبعث إليـك أختي المطـلقة كلماتي التي أبت إلا البوح مُـحمَّـلة بالتفــاؤل والأمل…وتخفيف الهـم والكدر..
أختـي يا من فرحـتِ بليلة زواجك…ولبستِ أحسن ثيابك…وبشَّرتِ كل أحبابك..مُـؤملةً عش الزوجيــة السعيد…وما إن مضت الأيام حتى صار ما لم يكن في الحسبان …فأصبحتِ من عـداد المُـطلقات..
اسمحي لي أختي إن كنت أدخلت عليك الأشجــان بمقدمتي.. لكن هذه من ذكريـاتك التي تستسلمين لهــا جُــل أوقاتك.. فتنغص عليك دنيـاك، وتشغلكِ عن أخراك..
أختي كنت أراك وردةً بهيـة..ابتسامتك لا تفارق مُحياك..الكل يشغف لمُجـالستك ومـا إن أصبحت مطلقة حتى جعلت نفسك كالوردةً الذابلة…حبيسة في مكان لا هواء فيه ولا ماء.
أختي… يؤلمني قلبي وأنا أرى حالك ينطق بالهم والغم أكُلُّ هذا لأنك مطلقة؟!
أنسيتِ أن الطلاق مكتوبٌ عليك منذ أن كنتِ في بطن أمك؟! فهل بعد ذلك تستمرين بالحزن على ما مضى والندامة…
أختي تذكري أن المؤمن مبتلى فلعل ما أصابك رفعة لدرجاتك..
أختي فكري روياً ألأجل (رجل) واحد في الدنيـا تهلك نفسك وينقص من إيمانك؟!!
حبيبتي قد يُعوضك الله بزوج خير منه فتسعدي…فما تعلمـين بما عند الله لكِ..
فاجعلي شعارك التفـاؤل ففيه تخفيف الكُربات..قد تقولين أين أجد روح التفاؤل؟!
فأقول لكِ: تأملي آيـات الله العزيز الحكيـم..
القائل {…فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعلَ اللهُ فيه خيرًا كثيرًا}
والقـائل {…إنما يوفى الصـابرون أجرهم بغير حساب}
والقائل {وإذا سـألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ..}
يا الله آيـات تلو الآيات أنزلها الرحمن لتزرع روح التفاؤل والأمل فهلاَّ تدبرتِ معـي؟!
أختي لماذا أصبحتِ رهينة أفكـارك حتى جعلتك في معزلٍ عن أهلك وأحبابك…
أتظنين أنك لستِ جميلة؟! أم أنك غير خلوقة؟!
بل أنتِ زهرة بحاجة لجرعات من التفاؤل لتُرويك…واعلمي أن تجرع التشاؤم بالليل والنهار قد يفسد عليك دينك ودنيـاك..فلا تنعزلي مع أفكار تنقاد معها الآهات ،فحذاري ثم حذاري هذا النوع من العزلة، أو الهروب من واقعك بإمضاء يومك بنومك بل كوني في ذلك معتدلة..
والزمي الاستغفار فبه يفتح الله الأرزاق والأفراح…
وأكثري بث شكواكِ لله منطرحةً بين يديه فلذة مناجاته بِأُنسها كافيه عن ملذات الدنيا بأكملها..
وأيضاً حبيبتي زوري أرحامك ولا تقاطعيهم من أَجل أوهامك حتى يُبسط لكِ في الرزق ولعل الله أن يخفف عنك ما بك فإن تبادل بعض الأحاديث قد تنسيك الأحزان..ولا تُمْـلي عليك خَطراتك أن نظرة المجتمع لك توحي بما يسوئك فغالبها من تلبيس إبليس..وإن كان كذلك فهي توافه اجعليها خلفك ولا تجعلي لها نصيباً من أفكارك لأن من النساء من لا تَدع ولن تََدع فاكهة مجلسها بفلانة وعلانة ولا تظني أنك وحْدك فاكهة لها بل الفواكه عندها متنوعة!!
أختي إن كنت ذات ولد فاحمدي الله ودعي عنك مداخل الشيطان فأحسني تربيته ،والدعاء له واعلمي أن الله من تكفل بالأرزاق وهو خير الحافظين..
أختي سأوصيك ببعض الهمسات فالزميها فبها تُفْرَج الكُربات..
~~ اجعلي كتاب الله أنيسك ءآناء الليل وأطراف النهار، والتحقي بدور تحفيظ القرآن ففيها تذوقين حلاوة الذكر وصحبة الخيِّـرات.
لا تُفـوتي روائع الأسحــار.. فأحييها بالصلاة ،والاستغفار،والدعاء
حيث يتنزَّل الرب جل في علاه منادياً بالبشرى لمن دعاه.
بين الأذان والإقامة نفحاتٌ ربانية تجاب فيها الدعوات فاحرصي على اغتنامها.
حاربي ما يدعى بالكابوس الأكبر(الفراغ) ليكون نعمة لكِ وذلك بسماع الأشرطة النافعة، وقراءة ما ينير فكرك ويغذي إيمانك ،وترتيب أعمال المنزل،والاهتمام بنفسك، والإكثار من النفع المتعدي.
وأخيراً أقول لكِ: غاليتي احمدي الله فأنت تتقلبين في نعم كثيــرة فاستشعري ما وهبكِ البارئ وادعي الله أن لا تُحْرَميها .. فما أعطاك أكثر مما أخذ منك (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها..) فلاتكُـن نظرتـك نظـرة جاحـدة، قاصـرة…
تأملي العُمْي الذين يتمنون التمتع بالنظر في القرآن، وكعبة الرحمن.
وبالبكم الذين لطالما عجزوا بالنطق بالكلمة وأنتِ كم أخرجتِ من كلمة؟!
تأملي من أعيق عن الحركة متمنياً الخضوع لله ولو بسجدة..تأملي وتأملي وتأملي!!
فتلك تأملات قد تزيد في إيمـانك وتذكرك بِنِعم الله لكِ.. وأما تأملات ما أعطى الله غيرك حسرة وحسداً..فهذه تعـاسة وللدين حـالقة!!!
أسـأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سأل به أعطى وإذا دعي به أجاب أن يُجلي عنك كل هم وغـم، وأن يرزقك رزقًا دارًّا، وعملاً بارًا، وعيشًا قارًا.
وصلى الله وسلم على نبينـا محمد وآله وصحبه وسلم