ثمـة وجع يتسلل إلى قلبي .. يقيم عليـه مأتمـاً .. يتسول منه النزيف ..
في دآخـلي لا أرى أي وطن يحتوينـي ..!
وإنمـا أعيش في منفى يغتالني في شتـاء الفقد !!
كلمـا شاطرني الحنين إليهم .. أتـجاهل مساحات الحزن التي بدأت تآخـذ مستقراً في أحشائي .. فأسرق الفرح عنوة !
أراني أتخبط وأتسكع في فضـائات الغياب..!
ذلكـ المخلوق القاتل الذي لا يتقن فن الذبح سواه !!
لأنكسر للمرة المـليون وتتضخم وحشة في داخلي استقرت ..
…
…
أتمنى .. أن أنشج بصمـت حيث لا يسمعني أحد .. كما ينشج القلم المكسور ..!!
لأني تعلمت من جور السنين أن أتأوه الألم بصرخـات مكتومة !!
حتـى لا أُتهم بالضعـ/ـف .. الجبن !!
..
..
أحلامٌ تتأجج في جوفي … غريبة النمو ..
تكبر .. ثم تصغر ..ثم تتقلص حتى تتلاشى .. ثم تنمو وتنبثق كإنبثاقة فجر جديد ..!!
ثم تتبدد وهكذا … !
أعلم أنها لم ولن تتحقق ..فغريـــــبة بحق يـا [ أنـا ] !
كيف لازلتِ تحلمين !
..
..
أول تلكـ الأحلام ::
عندمــا رحل واغترب ..
كنت حينها طفلة لا أعي شيئا ..!
دخلت غرفة العزاء على أصوات المعزين تتزاحم ..
( عظم الله أجركم في فقيدكم .. فكلنـا للفنـاء ولا يبقى إلا وجهه )
مرت أيـام ثلاث .. أرى فيها أقوام يدخلون وأقوام يخرجون !!
وعندمـا انتهى العزاء .. جعلت أتساءل وأقول لأمي ::
( أين بابا ؟ ) .. حينها قالت أنه مسافر وسيعود ذات مسـاء ..
وجعلت أنتظر ذلكـ المساء الموعود .. لكنه لم يأتي إلى الآن ..
..
..
كنت دائمـا أقول لأمي كل ما بكيت لأجل شيء أزعجني..
( إذا عاد [بابا] سأقول له أنك لم تطعميني الحلوى الفلانية وأنك رفضتِ أن أسهر إلى الثانية عشـر )
فيــــــــــا لصبر أمي كم كـانت تعاني مني بحق !!
..
..
كبرت ..
وبالكـاد أدركت أنني قد دخلت في عداد الأيتام منذ زمن الورود !!
لازلت أحلم بسذاجة أن أعود يوماً للبيت وأراك تنتظرنـي !!
فأي حلم أغبى من ذلك !
..
..
وثاني تلك الأحلام ::
عندمـا كنتِ يـا صديقتي كـل الحيـاة ..
كنت أرى فيك ذات صـادقة .. ونفس صابرة .. وابتسامة رقيقة ..
أحببتكـِ .. وشعرت بأنك الروح التي تسكنني ..
شابهتيني في كثير من الأمور .. وفي كثير من الأحلام والأمـاني !!
وفجـأة !
رحلتِ .. بلا سبب !!
رحلتِ .. فكـان لزاما علي أن أنكسر ..!
فأعتذر لكِ إن لم أكن ـ صديقة مثالية ـ كما يجب ..
فكم أحلم بأن نعود ثانية نتبادل الضحكات والأمنيـات !!
نتصبر سويـاً ونقوم الليل سـوياً ونبكي أيضـاً سويــاً !!
فهـل صار إلزاما على الحلم أن ينكسر كلمـا اقترفت الرحيل ؟
وهل خُلق الفقد مع الحب .. حتى أنه كل مـا أحببت أحد لابد أن أفقدهـ!
..
..
أمـا حلمـي الثـالث ::
أنتِ يـا أمي !
يـا أروع حلم ..
أمــــاهـ هل تذكـرين ؟
كم كنت لا أحب النوم إلا في حضنك !
كنت دائمـاً أستبعد فكرة فقدهـ!
كم كنت أباهي بك الشمس في الدفء.!
كم كنت أحبك أكثر من أي حب ..!
كنت دائمـا أقول لك أن الحب كلمة قليلة جدا جدا فيك !
أتعلمين يا حبي !
كيف كنتِ لي وطن !!
أذكـر حينمـا جئت لك والشحوب يكسوك ..!
كنت أقول لك ( أنك لن تتخلي عني مثل الكثيـر ! )
كنتِ تنظرين لي بابتسـامة شاحبة دونما كلمة !
آآآآآآهـ يــا أمي !
كيف تتركيني ؟
أيعقل أن ترضي لي الوحدة.. الغربة !!
موتك أمـاهـ جعلني أتيقن أن ضيافتي للموت كـانت غاية في الكرم حتى أصبح يطرق بابي ويأخذكم واحداً تلو الآخـر !
الآن أمي أقول لك ::
اشتقت إليك .. اشتقت إليك أكثر من أي وقت مضى !!
أتلهف لقربك .. أحتــــــــــاجك !!
أحبك أمـــــــــــاه ..
أقسم لك بمن خلق الموت والحيـاة .. أنني لازلت أشعر بقربكـ مني ..
أمــاه ::
لحقتِ بأبي .. وتركتي لي الحيـاة بأكملها ..
أعاني فيها ما أعاني ..
أبيع فيها الأكـاذيب وأشتري الصبر ..!
فكم أحلم بلقـاء يـا أمي يُسكت صرخـات الشوق؟
لكنـــــي
أعدك يــا أمي .. و أعدك يــا أبي .. و أعدك يــا صديقتي ..
بأني سأبقى ثـابتة رغم عذاب الرحيـل ..
فلن يكن من الغبـاء أن أُحـرق حيـاتي بدموع لا تنفع .. سأظل أدعو الله لكم .. كلمـا داهمني الحنين ..
سأرفع يدي أدعو المولى أن نجتمع في دار كرامته ..
و سأدعو الله أن أكون يـا [والداي] تلك البارة بكما حتى بعد الموت ..
.. .. أحبكم .. ..