الفصل الأول :
الإنسان العربي … أولا
حتمية التغير: ..
يشهد العالم اليوم، تسارع كبير نحو التطور والتغير، لتحقيق مستوى معيشي أفضل، وإذا أرادت امتنا العربية أن تخطو نحو مجتمع المستقبل بكل عزم وثبات عليها أولا أن تعمل بكل جد وإصرار شديدين للانتقال من مرحلة التخلف والتبعية إلى مرحلة الوحدة العربية وتطبيق الديمقراطية.
ولذلك فهي مطالبة بان يكون لها شخصيتها الاعتبارية المتميزة، والمحددة رمانيا ومكانيا، وان تؤكد على أهميتها وسط العالم الذي تعيش فيه. علاوة على أن تمتلك القوة والقدرة على مدار العقود القادمة، وهذا ما يجعلنا نأخذ باعتبارنا اهميتين هما :-
أولا : القوى الذاتية : بامتلاك الأمة العربية من تراث وموارد اقتصادية وبشرية هائلة وامكانات مادية ضخمة، يمكنها أن توفر كل أسباب المدنية الحديثة لها وبناء مجتمع عربي عصري .
ثانيا : حقائق التغير العالمي السريع : يوجد على هذه الأرض من يعيش في زمن الماضي والحياة البدائية وهناك أيضا من يعيش حياة صناعية متقدمة وهناك من وصل التقدم. ليعيش حالة عالم المستقبل وممثلي تقدم الإنسانية، وهو من يمتازون بقدراتهم على التغير السريع، وعليه فان قدرة الأمة العربية يجب أن تكون احد عناصر أو مكونات تفكيرها ودراستها.
محطات … على الطريق …
من المفروض أن الهزائم المستمرة للوطن العربي تيقظه من التردي، وتكون محطات تحول في تاريخه، إلا أن الواقع العربي لا يزال كما هو مؤلم في تدهوره وتخلفه، إن لم يكن أصبح أسوا من السابق، مما جعل البعض يعتبره عصر الانحطاط والانهيار والاهتراء العربي، وقد ألقى عليه البعض لقب ( العصر ألحميري )، ومن الخطورة أن هذه المرحلة تبلور عملية انهيار قيمة الإنسان دائما في شكل ظاهر.
ومهما امتلك العرب من ثروات، إلا أن التبذير في هذه الثروات بدون دراسة وتخطيط جعلهم يضيعون فرص ذهبية في تاريخهم المعاصر لتطوير أنفسهم.
تبرير الفشل والهزيمة :
ولو أن العرب دائما يعلقون فشلهم على شماعات وهمية، ليبرروا فشلهم، إلا أن بعض المفكرين يعللون هذا الفشل يكمن في عدم وجود امة عربية حقيقية بالمعنى الصحيح … وان العقلية العربية السائدة كانت ولا تزال عقلية بدائية جامدة ، وكثرت الآراء في سبب هذا الفشل.
من… هنا… نبدأ
فالسبب الرئيسي في الهزيمة، مهما كثرت الآراء، متجسدا في نقطة ضعف العرب المركزية المتمثلة في حالة العجز والتخلف التي وصل إليها الإنسان العربي رجلا كان أم امرأة.
ولذلك يجب أن نبدأ في تسوية طريق الأمة العربية ببناء وتحرير الإنسان العربي أولا ليكون قادرا على تحرير الأرض، وحمل مسؤولية البناء، وإحراز النصر والتقدم والخروج بأمته من دوامة الهزيمة والتخلف.
ولكن ما هو الطريق إلى هذا : فيكون الجواب هو التربية . إن التربية أولا هي وحدها الوسيلة الأساسية لتحقيق ذلك وإنها هي أولا وأخيرا أداة تنفيذه وتحقيقه.
وهذا ما يجعلنا أن نقرر أننا بحاجة إلى تربية تمكن الأجيال العربية من تحقيق وتحرير ذاتها، ومن بناء مشروعها الحضاري العربي وصناعة مستقبلها، وتأكيد هويتها وشخصيتها المستقبلية. وإطلاق قدراتها وطاقاتها الإبداعية.
الفصل الثاني :
الإنسان … والتربية
منذ بدء الخليقة ولا يزال الإنسان صانع الحضارة والتقدم.. ولقد كان ولا يزال الشغل الشاغل للفلاسفة والمفكرين ورجال التربية والعلماء في البحث عن كيفية تنشئته وتنمية شخصيته وبناء سلوكه.
فلذلك أصبحت التربية عبر العصور فنا قديما وعملية اجتماعية تتأثر بالزمان والمكان حيث اختلفت أهدافها من عصر إلى عصر، وبقيت غايتها تكوين شخصية الفرد، وحب الوطن وخلق مجتمع حقيقي قوي، واستنادا إلى أن التربية هي صانعة سلوك الإنسان وقوته وقوميته ونظامه الاجتماعي، فإننا نستطيع الحكم بان الإنسان العربي بشخصيته الحالية إنما هو انعكاس للأنماط التربوية السائدة في عملية التنشئة الاجتماعية داخل مجتمعنا العربي. ولهذا فقد تم ظ…ظپظ‡ظˆظ… دور التربية فقد اكتسبت تعريفها على أساس أنها عملية تنشئة وتفاعل اجتماعي شامل، تتأثر بحدود الزمان والمكان، وتختلف باختلاف نمط الحياة السائدة وسط الجماعة آو في المجتمع.
ولهذا فان البعد التربوي لعملية التنشئة الاجتماعية في وطننا العربي لا بد أن يكون له هدفان متلازمان يصعب الفصل بينهما :-
أولا : هدف مرحلي : أن يكون الهدف التربوي الأول لعملية التنشئة الاجتماعية بكل أنماطها وأشكالها في المجتمع العربي هو بناء الإنسان العربي بناء جديديا وشموليا متكاملا.
ثانيا : هدف استراتيجي : بان يكون الهدف الأساسي والاستراتيجي من بناء الإنسان العربي هو بناء المجتمع العربي وتطويره وتحديثه وتجديده حضاريا.
التربية والتغيير :-
ولكي نغير نظام المجتمع كله يجب أن نغير التربية، وذلك ليكون تغييرا حقيقيا في نظامنا الاجتماعي والسياسي، فلا بد من انقلاب جذري في نظامنا التربوي، وتثوير لفلسفته وأساليبه وأهدافه، وهذا لان صياغة المجتمع لا تتم إلا بصياغة التربية. ولا نعن بالتربية التعليم والتعلم فقط، بل نعني بمعناها الاشمل والأوسع، وهو رسم سياسة مؤسسات المجتمع وتحميلها مسؤوليات تطبيقها، لبناء الإنسان العربي وتنشئتهن من ثم تجديد بنائنا الاجتماعي والحضاري، ومن هنا نستنتج أن التربية التي نهدف إليها هي عملية تنشئة اجتماعية شاملة.
فان التربية لا تستطيع أن تصنع المجتمع وتغيره، أو تحدث فيه أثرا بارزا وسريعا في بنيته، إلا إذا استطاعت أن تقهر العوامل الأخرى الكامنة في المجتمع والتي تشدها إلى الخلف، وان تكون على علم ودراية تامة بتلك البيئة. ولكن هذا لا يعني أيضا بان التربية ليس لها دور كبير وأساسي في أحداث عملية التغير.
التربية … والتنمية البشرية :-
إن الدور الأهم والرئيسي للتربية هو دورها في تنمية القوى البشرية بالذات كمطلب قومي سريع باعتبارها الأداة القوية في يد الدولة والمجتمع من اجل خلق وأعداد مواطنين صالحين.
ويأتي هذا الدور للتربية بعد أن أدركت مجتمعات عدة الحقيقة القائلة بان قوة الأمم والشعوب لا تقاس من حيث الكم بعدد سكانها أو بثرائها المالي بقدر ما تقاس من حيث النوع بما تملكه من الكفاءات البشرية التي تشكل ثروتها القومية. كما أدركت هذه المجتمعات بان الإنسان المتفوق هو رأسمالها الحقيقي وحجر الزاوية في صرحها الذاتي.
وقد أكدت الدراسات على العلاقات العضوية والوظيفية بين التربية والتنمية البشرية. ولهذا يضع فلاسفة التربية وعلماء الاقتصاد في اعتبارهم ربط التخطيط التربوي الشامل بخطط التنمية القومية الشاملة.
وعليه إذن تصبح عملية التنمية في معناها العميق عملية بناء مشروع حضاري متكامل يتوافر فيه التوازن بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولذلك فعلى العالم العربي أحداث التغييرات المطلوبة من اجل تحقيق الهدف.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذل على مستوى الوطن العربي كله للتنمية ولتطوير أساليب الحياة إلا انه ما يزال واضحا بان هناك قصورا وتقصيرا كبيرين في تطوير نظامنا التربوي وبلورة مفهوم التربية وأساليبها بشكل يتفق مع أهدافنا القومية وكيفية استخدامها في صياغة وصناعة وتشكيل شخصية الإنسان العربي في شمولها وطرق أدائها.
1. فقد أصبحت التربية الدائمة محط آمال الدول والمجتمعات جميعا لتنمية قدرات الإنسان المنتج، أما إخفاق التربية في الوطن العربي بالقيام بدور فعال في تنمية القوى البشرية فيعود إلى :-
2. ضعف الارتباط بين خطط التربية وخطط التنمية الشاملة
3. ضعف محتوى التربية وضعف ارتباط هذا المحتوى بحاجات الفرد أو المجتمع.
4. التركيز على التطور الكمي بدلا من التطور النوعي والتوسع الأفقي بدلا من التوسع العمودي.
5. تزايد هجرة الكفاءات والعقول والأدمغة العربية إلى خارج الوطن العربي
6. ضعف الاهتمام أو انعدامه بأنظمة التربية غير الرسمية
7. ضعف الإنفاق المالي على مجالات وأنشطة التربية كمجالات البحث العلمي وتعليم الكبار ومحو ألامية والتعليم المستمر
أما الدور الذي تقوم به التربية :-
1. خلق قاعدة متعلمة
2. تعديل نظام السلوك عند الأفراد
3. إطلاق القدرات الإبداعية
4. تجديد محتوى البرامج التعليمية والتربوية
5. تأهيل القوى البشرية
6. نشر المعرفة وتوسعتها
7. تطوير الاتجاهات الفكرية والاجتماعية
8. تحقيق التطور النوعي للقوى العاملة
9. تحقيق التوازن بين عملتي العرض والطلب من القوى البشرية العاملة
10. خلق التفاعل والتكامل بين التربية وعملية التنمية الشاملة
وهذا يتوفر بشروط توفر ما يلي :-
1. ضرورة استخدام التخطيط الاستراتيجي الشامل أولا للموارد البشرية العربية في كافة القطاعات الإنتاجية.
2. ضرورة استخدام التخطيط التربوي الاستراتيجي والشامل وربطه ضمن استراتيجية عملية وواقعية في ضوء أهداف خطة التنمية الشاملة بشكل عام.
3. تغيير المحتوى التعليمي للمناهج العربية وتحقيق التوازن بين التطور النوعي والكمي المطلوب في التعليم العربي
4. ربط العملية التربوية والتعليمية بالعمل والحياة وبمشروعات التنمية البيئية في المجتمع العربي.
5. ربط العملية التربوية بعملية التغيير الاجتماعية وتسخير التربية من اجل التغيير على أسس تربوية ثابتة.
6. التأكيد على دور ووظيفة ط§ظ„ظ…ط¯ط±ط³ط© والمؤسسات التعليمية الأخرى في عملية التنمية والتحاقها بالمجتمع واقتحامها لمشكلاته.
7. تسخير التربية من اجل حل المشكلات القومية المزمنة في الوطن العربي من اجل تعزيز بناء الإنسان العربي.
الفصل الثالث :
المجتمع … والتربية
لقد اختلف المفكرون والفلاسفة في تحديد علاقة التربية بالمجتمع، فمنهم من رأى ( أرسطو ) بان التربية هي الوسيلة الوحيدة لاستقرار المجتمع وأنظمته وقيمه وأوضاعه الاجتماعية بينما رأى فريق آخر ( أفلاطون ) إن التربية وسيلة لإصلاح المجتمع وتحسينه وتقدمه وتطوره.
فلو تأملنا في تاريخ الشعوب لعلمنا كم التربية لعبت دورا هاما في حياتها، مثل الحضارة البابلية والمصرية والصينية والفينيقية، حيث أضافت إليها روائع الفكر الجديد، فاهتم الاثينيون بالتطور الفكري، واعتنوا بتربية الإنسان، وجعلوا التربية همهم الأول، حيث أخرجت أثينا نخبة الأساتذة العقل البشري والفلاسفة الخالدين الذي اثروا في العلوم الإنسانية.
وفي اسبرطة لعبت التربية دورا حيويا في بناء المجتمع والذي لا يزال يعتبر نموذجا للتربية التي تميزت بطابعها العسكري ونظامها التربوي الانتقائي الصارم. حيث عملت مجتمع متين موحد وقوي في مواجهة أقسى الظروف.
أما أثينا فقد عملت على تربية الفرد وركزت على قوة شخصيته لمواجهة أصعب الظروف، وقد حرصت التربية عند الرومان على تخريج أجيال مدربين على فنون القتال والحرب.
حتى التربية الحديثة في بناء المجتمعات الحديثة، هذا ما تفعله الأمم، وهذا ما فعلته التربية الإسرائيلية، حتى أعدت دولتها، قامت ببناء مجتمع حربي مستعدا دائما للقتال، عن طريق التربية.
وفي اليابان نموذج رائع بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، ببناء مجتمع قوي ومتحضر صناعي، يحمل المسؤولية في جميع الاتجاهات، وقد لعبت التربية دورا بارزا في هذه الحضارة.
اوتطبيقا لذل نشأت الأمة والدولة العربية الإسلامية وتطورت ظروف انتشار القوة العربية تحت لواء الرسالة الإسلامية في مواجهة التحدي الخارجي، بفضل الإنسان العربي المسلم الجديد الذي أصر الرسول على توفير التربية الجيدة له حتى يصوغه أولا قبل الإقدام على نشر الدعوة الإسلامية.
إلى أن بدا الوهن والضياع يدب في هذا القوم نتيجة بعدهم عن التربية الإسلامية الصحيحة.
ومن هنا نرى كيف التربية لعبت ولا تزال تلعب دورا هاما وأساسيا في بناء الإنسان والمجتمع وتطويرهما قديما وحديثا..
وهكذا فان التربية تستطيع تحقيق ذلك باعتبار أنها وظيفة اجتماعية تتفاعل مع مجتمعها تأثرا فيه، وخاصة إذا ما استطاعت العمل على :-
1. إحداث تنمية اجتماعية حقيقية داخل المجتمع العربي، بمواجهة التخلف، وتحدي حضاري شامل ومتكامل
2. إن إحداث تنمية اجتماعية شاملة داخل المجتمع العربي تستوجب من التربية تنمية القدرة العربية من الموارد والطاقات الذاتية وحدها على مواجهة التحديات
3. إن إعداد الإنسان العربي الذي يمثل الثروة الحقيقية إعدادا حضاريا متميزا سيظل يمثل حجر الأساس في عملية بناء المجتمع العربي المستقبلي، وهذا يتطلب من التربية جهدا واعيا ودورا كبيرا لتحقيقه فكرا وتطبيقا
4. أن تعمل التربية على جعل الوعي العلمي فكرا ومنهجا وتطبيقا أساسه في الحياة العامة، داخل المجتمع العربي، وذلك من خلال تطوير البحث العلمي وتشجيع مؤسساته واستيعاب كل منجزاته والإسهام في تحقيق أهدافه.
5. منح المراة العربية كل فرص التعليم المتكافئة باعتبارها تمثل المجتمع
6. جعل التخطيط التربوي أساسا ومنهجا دائما لربط أهداف التربية وبرامجها ومناهجها بحاجات المجتمع من القوى العاملة والمهارات اللازمة لبنائه وتطويره.
الفصل الرابع :
ملامح الشخصية العربية
تتهم الشخصية العربية فرديا وقوميا بأنها تعاني من مجموعة أساليب وخصائص وسمات سلوكية سلبية التصقت بها تحت تأثير عوامل بالغة التنوع والأهمية. نتيجة لما مرت به هذه الشخصية من ظروف اقتصادية وتاريخية واجتماعية وسياسية قاسية عبر السنين الطويلة الماضية. فمن الخصائص التي وصفت بها الكسل والوصولية والابتذال واللامبالاة والخمول و والسطحية والأنانية والجوفاء وشخصية تقبل الهزيمة، وشخصية كاذبة ترضى التبرير وتقدمه، والإسقاط، ، وشبابها مائع وجيل فارغ ، تفتقر هذه الشخصية للتعاون والعمل بروح الفريق، ومن اخطر الخصائص السلبية التي رآها الباحثون العرب في شخصية الفرد العربي، انه إنسان خيالي يهرب من الواقع، وكل الخصائص السلبية السيئة، وهذا ما جعل العرب أن ينهزموا وجعلهم أيضا يتقبلون الهزيمة.
ولقد أدى شعور الفرد العربي وصراعه الداخلي ما بين فكره ألتجديدي، وسلوكه وممارساته التقليدية، إلى ظهور مشاعر التناقض والقلق والاضطراب لديه، وبالتالي عدم التوازن في سلوكه الشخصين حيث انعكس في النهاية على سلوكه القومي والاجتماعي. سواء في مواقفه أو في أساليب مواجهته للفشل والهزيمة.
إن المثقف العربي وعقله وفكره ما زالا يقفان مرتعشان واجفان حائران عاجزان على أبواب السلطان وأمام قوى القهر والإرهاب والقمع والتخلف في وطننا العربي حيث لم يجرؤ هذا العقل حتى الآن ( باستثناء محاولات فردية قليلة ) على التصدي للمد التسلطي الإرهابي الذي يمارسه القائمون على تربيته وتنشئته في مختلف مواقعهم ومع أن طاقاتهم متوافرة وبكثرة في وطننا العربي ولكنها للأسف لا تستخدم ولا تعبا إلا بنسبة صغيرة وبطريقة عفوية، ذلك إن حياة المثقفين العرب حياة مهدورة تدور في فراغ.
للعرب في عيون الآخرين صورة نمطية سلبية فهم كذابون بطبيعتهم، مولعون بالبلاغة والألفاظ الرنانة والمبالغة الكلامية والكفاح بالخطابة، وبان العنف والقسوة من طباع أصيلة في الشخصية العربية، بل إنهم يتسمون بإحساس كاذب بالوقار يحول بينهم وبين الاستمتاع بالحياة، وهذه الصورة تم تشكيلها في عيون غير العرب من خلال عوامل عديدة مثل الصراع الديني وحركة التبشير والاستشراق، والحروب الصليبية، وما تقوم به وسائل الأعلام المعادية للعرب والمسلمين، من تشويه وتكوين لهذه الصورة، وركزوا ( خاصة الصهيونية ) على السمات السلبية في الشخصية العربية وعلى مجموعة من الصفات المختلفة والمزيفة في هذه الشخصية، وقد أرادت إسرائيل والصهيونية من ذلك تبرير المواقف السلوكية الإسرائيلية ومشاعر الكراهية واتجاهات التعصب العنصري ضد العرب وبقصد إسقاط كل مظاهر العنف عليهم حتى يسهل عليها قتلهم أو تهجيرهم وأبعادهم واحتلال أراضيهم من خلال توظيف الصورة السلبية للإنسان العربي، فإذا أرادت إسرائيل تبرير عمليات القتل والعنف وإعطاء مصداقية لتبرير سياسة الاضطهاد الإسرائيلية ( للعرب عامة والفلسطينيين خاصة ) فأنها تصفهم بأنهم مخربون وإره!
ابيون أو بأنهم وحوش لا يفهمون إلا لغة القوة والعصا الغليظة، لأنهم عنيفون حادوا الطباع والمزاج، وإذا أرادات استخدامهم واستعبادهم واستغلالهم في مجالات العمل المختلفة رأت فيهم مجموعة بشرية أدنى من الاسرائيلين أو اقل ذكاء منهم، لا يصلحون إلا للأعمال الحقيرة الوضيعة التي يترفع الإسرائيليون عن القيام بها.
ولكن هل ولد الإنسان العربي في هذه الصورة السيئة، وإذا كانت هذه الصورة الحقيقية للإنسان العربي، فهل ولد بهذه الشخصية؟ والجواب الأكيد لهذا السؤال، هو طبعا لان ولكم هذا نتيجة التربية الفاشلة بكل أشكالها والتنشئة الاجتماعية الخاطئة بكل أنماطها التي يتلقاها الفرد العربي بشكل عام في مجتمعنا العربي بكل أوساطه ووسائطه. فلهذا يعتبر انه فعلا صورة صادقة حقيقية للشخصية العربية.
الفصل الخامس :
واقع التنشئة الاجتماعية في المجتمع العربي واثر ذلك على تكوين شخصية الفرد العربي
تكوين الشخصية :-
يرجع تكوين الشخصية الفردية أو القومية إلى تراكمات مستمرة في تكوين الفرد أو الأمة، حيث تشكل هذه التراكمات الأساس الهام للسلوك الإنساني. ويتوقف تشكيل ونمو الشخصية الإنسانية وتطورها على مجموعة من العوامل الاجتماعية والتاريخية والمقومات الاقتصادية التي يكمل بعضها البعض، وبقدر ما بين هذه العوامل والمقومات من اتساق وتفاعل بقدر ما تتكامل هذه الشخصية للفرد أو الأمة كوحدة نفسية، وجسمية، أو اجتماعية متفاعلة. واستنادا لهذا المفهوم أصبحت الشخصية الفردية أو القومية لشعب أو امة تعرف بأنها مجموعة الخصائص أو السمات النفسية والسلوكية ذات الاستمرارية، والمعبرة عن حقيقة فكرية ثابتة، والناجمة عن ظروف نشوء الفرد أو الأمة وظروف تطورها. أو هي السمات النفسية والاجتماعية والحضارية لأمة ما تتسم بثبات نسبي، مثلما يمكن عن طريقها التمييز بين هذه الأمة وغيرها من الأمم.
ومن هنا فان شخصية الفرد العربي بحالتها الحالية الحاضرة، وبكل ما بها من أنماط سلوكية سلبية أو ايجابية إنما هي ثمرة ومحصلة أساليب التنشئة الاجتماعية، وأنماط التربية الأسرية العربية بمضمونها وأساليبها، والتي يتلقاها الفرد العربي في البيت والمدرسة بشكل خاص، أو من أوساط المجتمع ووسائطه التربوية الأخرى بشكل عام، كوسائله الإعلامية ومؤسساته ومراكزه الثقافية المختلفة. بل إن قدرة الفرد على التعلم والاكتساب تتأثر إلى حد بعيد بالخبرات الانفعالية والفكرية السابقة التي عاشها الفرد في البيئة الأسرية الأولى علاقاته الاجتماعية فيها.
مفهوم التنشئة الاجتماعية :-
وهي تعني مجموعة العمليات الثقافية والاجتماعية التي يصبح الفرد من خلالها قادرا على استيعاب قيم ومعايير المجتمع الذي يعيش فيه، على المستوى المعرفي والادراكي والانفعالي، ليلتزم بها بعد أن ينتقي المجتمع مجموعة الأنماط السلوكية لأفراده. وليقوم بعد ذلك بتنميتها وإبرازها وتدعيمها وتشكيلها عندهم، أو ليقتلع أنماط سلوكية أخرى لا تتفق واتجاهاته وقيمه وتقاليده. وهي تشارك بدور هام في تكوين شخصية الفرد وتحديد سلوكه من خلال الجماعات التي ينتمي إليها، ويتم عن طريق هذه التنشئة الاجتماعية والثقافية غرس قيم جديدة وسلوك جديد.
وتكتسب أهمية كبيرة في مرحلة الطفولة، فلذلك تتكون من خلال التنشئة عملية صنع وتشكيل الطابع القومي ( الشخصية القومية ) للأمة على أساس أنها العملية التي تخلق للمجتمع صورته الموحدة، بحيث تتحول هذه الشخصية القومية المكتسبة بواسطة التنشئة الاجتماعية الأولية من مجرد شعور وفكر وقيم إلى قوة مادية تحكم السلوك الجماعي العام وتوجيهه. وفي النهاية فان التنشئة الاجتماعية هي عملية تعليم وتعلم.
فإذا كان السلوك الإنساني مكتسبا بكليته، فإننا لا بد أن ندرك هنا موقع التربية وأهميتها في هذه العملية، لأنها العملية التي يتم بها ومن خلالها هذا الكسب والاكتساب، وهي العملية التي يتم بها تشكيل السلوك الإنساني وتنميته.
محنة التنشئة الاجتماعية في المجتمع العربي :-
تواجه عملية التنشئة الاجتماعية في مجتمعنا العربي محنة كبرى في ظل ظروف التركيبة العشائرية السلطوية، لهذا المجتمع واختلال واختلاف بين النظرية والتطبيق، حيث انعكست أثار ونتائج هذه التركيبة وهذا الاختلال والاختلاف على نمط الشخصية العربية بسماتها وخصائصها السلوكية، وبما أفرزته من تناقضات واضطرا بات وصراعات داخل هذه الشخصية. فالتنشئة الاجتماعية في مجتمعنا العربي تقوم على العلاقة العمودية ( سواء في البيت أو المدرسة أو الجامعة أو المجتمع ) أي أنها علاقة قهرية أو سلطة قهرية بدلا من أن تكون سلطة عقلية تقوم على علاقة أفقية.
إن لكل بيئة حضارية أو ثقافية أسرية اثر ودور خاص في تكوين شخصية أفرادها وتشكيل سلوكهم.
دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية :-
إن الأسرة بشكل عام تعتبر أقوى الجماعات تأثيرا في تربية الطفل بصفتها المؤسسة الحضارية الأولى في حياة الفرد حيث تتضح أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به كأول مؤسسة تربوية يتلقى فيها الإنسان أول دروسه السلوكية، فان ألام داخل البيت تعتبر وبشكل خاص المؤسسة التربوية الأولى التي يتعلم منها الفرد مفاهيمه الوظيفية واتجاهاته ألحياتيه، على اعتبار إنها أول مصادر السلوك الذي يتلقاه الإنسان خاصة في السنوات الأولى من عمره.
فالفرد يكتسب من الأسرة بشكل عام القدرة على التكيف الاجتماعي ضمن عادات وتقاليد وقيم وأنماط سلوكية سائدة في الجماعة التي يعيش فيها. ويتوقف هذا على قدر التزامه بهذه المعايير.
يرى بعض علماء التربية وعلم النفس وعلم الاجتماع بان الفرد يتأثر منذ ولادته بالبيئة المباشرة المحيطة به. ويرى فيها عالمه وخصوصا في بداية سنواته الأولى.
إن عملية النضج تظل عملية نسبية، بمعنى أنها قد تختلف داخل المجتمع الواحد من زمن إلى زمن كما تختلف من مجتمع إلى آخر. إلا انه قد أصبح من المؤكد بان السنوات الخمس الأولى من حياة الفرد تتشكل البنية الأساسية لشخصيته، وما يتبعها من سلوك وملامح، بينما يتم في الفترة اللاحقة من عمره تكوين بنية ثانوية.
ومثلما للأسرة دور كبير في عملية النمو الاجتماعي والوجداني والسلوكي للطفل فان لها دورا هاما في عملية النمو العقلي للطفل أيضا.
مظاهر سلبية في أساليب التنشئة الاجتماعية العربية :-
التسلط العائلي : حيث أن تركيبة الأسرة العربية عشائرية سلطوية، يمارس فيها الكبار سلطة مطلقة، فالعلاقات داخل هذه الأسرة تقوم على السيطرة والهيمنة السلوكية والتسلط من الكبار والتبعية من الصغار.
الإذلال ( أسوا المظاهر السلبية ) ويتخذ صورا عديدة كالنقد الجارح أو اللوم والتفريغ الشديدين والسخرية والاستهزاء والتهكم والتشهير، ومثل هذه الأساليب تراها شائعة في بيوتنا ومدارسنا وشوارعنا ومجتمعاتنا.
الإهمال : بكل أشكاله، اقتصادي، أو عاطفي وهو أخطرها كعدم إعطاء الفرد التقدير والحب الكافيين.
المبالغة : وهي واحدة من صور الكذب واحد الأنماط السلوكية الواضحة في الشخصية العربية على المستوى الرسمي والفردي والجماهيري، حيث استخدام المبالغة في الحديث أو الشرح أو الوصف أو تبرير الأمور أو التعبير عن الانفعالات.
القسوة : من أسوا المظاهر التربوية السيئة التي يتعرض لها الطفل هي القسوة البالغة التي يتعرض لها أو يواجهها بإشكالها المتعددة سواء في أسرته أو في مدرسته أو من رموز السلطة في مجتمعه الذي يعيش فيه أو في مواقع العمل والتي تؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس فيشعر الانسان بالعجز والدونية والاتكال على الغير.
هكذا نرى كيف يمكن للتنشئة الاجتماعية داخل الأسرة العربية أن تلعب دورا هاما جدا في حياة الانسان العربي كأخطر العمليات التربوية في تشكيل شخصيته تحديد سلوكه وبنائه من الداخل، فللأسرة العربية دورا هاما وعظيما في التنشئة الاجتماعية لما يترتب على أساليب هذه التنشئة من أثار سلبية أو ايجابية في تكوين شخصية الانسان العربي، والذي قد يكون في حد ذاته واجب التربية أولا في العمل على إنهاء هذه التذبذبات والتناقض حتى يتم تربية أبنائنا بشكلها الصحيح أو السليم.
الفصل السادس :
التربية … والتعليم في مجتمعنا العربي
تقوم التربية بتحقيق أهداف والمجتمع أو النظام السياسي الحاكم في هذا المجتمع أو ذاك بتأثير المناهج التعليمية والبرامج التربوية الموضوعة بما يتفق وأهداف النظام السياسي و الاجتماعي وذلك من خلال استخدام المؤسسات التعليمية بكل مستوياتها (رياض أطفال، مدارس، معاهد، كليات، جامعات) على اعتبار إنها مؤسسات اجتماعية تستمد أهدافها من فلسفة المجتمع المحيط بها.
التربية المكتسبة في المدارس تميل إلى أن يكون لها تأثير مستديم حسب ما تشير إليه الدارسات في علم النفس الاجتماعي المتصلة بعملية التنشئة الاجتماعية بأن المواقف التي يتخذها البالغون يمكن تعقيمها بشكل جزئي إلى ما تعلمون بالمدرسة الابتدائية.
التعليم المدرسي:
دور المؤسسات التربوية التعليمية بشكل عام يأتي في المرتبة الثانية بعد دور الأسرة من حيث أهميتها ومسئوليتها في صناعة الأجيال والفرد والإنسان إلا أنها تلعب دورا لا يقل أهمية عن دور العائلة إن لم يكن مساويا أو مكملا له.
لعل السبب الجوهري في الأزمة التربوية تتمثل في عقم العملية التربوية التعليمية في المدرسة العربية الذي يرجع إلى عدة عوامل منها:
1. أنها لا تزال عملية تقوم على السيطرة السلطوية للمعلم الذي يعتمد بدوره على استخدام القمع و الضرب والتسلط والعقاب والإرهاب للطلاب.
2. استخدام المدرسين لأساليب التدريس الإلقائية والتقليدية في تعليمهم وتدريسهم لتلاميذهم وطلابهم.
3. لأن أساليب التدريس في المدرسة العربية لا تزال تقوم على أساليب الحفظ والتسميع والترديد والتكرار الآلي من قبل الطلاب.
4. إن هذه العملية التقليدية والتربوية تفتقر إلى الأهداف التنموية والفلسفة الواضحة والسياسية التعليمية الرشيدة التي يمكن للمعلم والمتعلم الاسترشاد بها غي عملهم.
5. إن المناهج والبرامج والمقررات التعليمية مناهج نظرية أكثر منها عملية تطبيقية ومقررات كلاسيكية تقليدية تفتقر إلى الحداثة فيشعر المعلمين والدارسين معها بالاغتراب والملل والضجر وعدم التشويق.
6. إن العملية التعليمية في مدارسنا ومعاهدنا عملية حرفية تعتمد على الكتاب المقرر فقط، كما تعتمد على الامتحانات المثالية كمقاييس لحفظ الطلاب للمادة التعليمية للتحصيل الأكاديمي.
7. إن العملية التربوية التعليمية في مدارسنا العربية تسير بدون تخطيط حقيقي.
8. إن إدارة المدرسة العربية لا تزال إدارة بوليسية تعتمد على أساليب السلطة الفوقية بدلا من الاعتماد على أنماط الإدارة الحديثة والقيادة التربوية Leadership الواعية.
9. إن العملية التربوية التعليمية داخل مدارسنا العربية عملية (أحادية) أي من طرف واحد هو المعلم فقط، فتفتقر بالتالي إلى التفاعل من أطرافها (المعلم والمتعلم والمناهج والإدارة).
10. عملية التعليم أصبحت عملية روتينية عميقة من التعلم والمناهج السلبي.
كل تلك العوامل ساهمت إلى حد كبير في فشل العملية التربوية التعليمية في مدارسنا ومن ثم صياغة وتنشئة وتخريج إنسان عربي آلي ساذج (كالببغاء) لا يحسن التعبير عن نفسه وذاته.
وحتى لائم النظام التعليمي والتربوي أهداف مجتمعنا العربي والواقع الذي نعيشه لا بد من تحقيق مايلي:
1. صياغة أهداف واضحة لنظامها التعليمي والتربوي المدرسي والجامعي.
2. تعبير الأساليب التعليمية التقليدية والتحفيظية من الروضة والمدرسة وحتى الجامعة.
3. تغيير المناهج التعليمية والتربوية بحيث تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا مع واقع المجتمع وحاجات الأفراد والتعلمين وقدراتهم.
4. توفير الفرص للمعلمين والأساتذة والمدرسين لرفع مستوياتهم المعرفية والفنية والمهنية.
5. لا بد لمدارسنا ومؤسساتنا التعليمية وقيادتها الإدارية من استخدام التخطيط بكل أشكاله ومستوياته وصور المختلفة المرحلي منه والاستراتيجي الشامل في عمليات رسم التعليمية أو محاولة تطوير هذه المؤسسات.
التعليم العالي:
إن جذور مشكلة تعليمنا الجامعي تبدأ من المدرسة، حيث تصل عدد من طلاب مدارسنا من التعليم العام إلى الجامعة وهم غير قادرين أو مؤهلين للتعليم الجامعي والعالي.
يصف نائب المدير العام لليونسكو نظام التعليم العربي ( بأنه يمتاز بالجمود والافتقار إلى جو الدراسة الجادة والبحث العلمي الواعي، مثلما يعاني من البيروقراطية السافرة والمناهج العتيقة (القديمة) والتقاليد البالية).
لم تستطع المدارس أو الجامعات العربية حتى الآن في تحقيق الديمقراطية كنمط بين أجيالها لأن المدرسة أو الجامعة نفسها لا يسودها جو ديمقراطي، بل أنهما لا توجدان في مجتمع ديمقراطي أصلا، ومن هنا فإن الأجيال التي ستخرجها هذه المدرسة أو الجامعة هي أجيال مقهورة عاجزة، وبالتالي فإن الانسان المقهور العاجز لا يستطيع إن بيني حضارة أو يحرر أرضا أو وطنا.
تتبلور ملامح أزمة الجامعات والتعليم العالي في الوطن العربي في عدد من المظاهر السلبية التي تسيء إلى النظام متمثلة:
1. مفهوم المدرسة في المجتمع العربي مفهوم تسلطي يتمثل في فرض نمط فكري أو أساسي معين على أذهان الشباب من الطلاب أو الطالبات.
2. في البرامج والمناهج التعليمية التعسفية التي تستند إلى المدرسة النظرية وحدها دون الاهتمام بالتطبيق والتجريب حتى أصحبت سلبية وأحادية الجانب حيث فشلت لأنها منفصلة عن حاجاتنا.
3. ما يعانيه النظام الجامعي في الوطن العربي ومؤسساته الأكاديمية من التطبيق والأخذ بنظم وقواعد غاية في الشدة والصرامة في الحضور والتقديرات.
وبهذا فالمشكلة الرئيسية في نظامها التعليمي العالي بشكل عام أنه نظام تقليدي متطابق متشابه ليس فيه تجديد أو تطوير أو تنويع سواء في التخصصات أو المقررات أو الأساليب أو الخرجين.
من أجل وضع تصور مستقبلي لأهداف وبرامج ومناهج نظامنا التعليمي والتربوي ليكون على مستوى من الوعي والقدرة للمشاركة في بناء مجتمع المستقبل العربي المنشود مع إطلالة العام الألفي الثالثة فإنه لا بد من العمل على تحقيق الاستراتيجيات التعليمية والتربوية التالية:
1. إن نعمل أولا على جعل المدرسة العربية أداه للتغيير والتحرر وخلق الوعي الاجتماعي بدلا من أن يكون مفهومها تسلطيا ودورها قمعيا استعلائيا.
2. وضع فلسفة تربوية وتعليمية واضحة تنبثق من تراثنا الحضاري العربي الإسلامي.
3. إن نثور مدارسنا ومعاهدنا وجامعتنا بمناهجها وإدارتها وأنظمتها ولوائحها وبرامجها التعليمية والتربوية لردم الهوة القائمة بين واقعنا التعليمي والتربوي الحالي وبين التعليم الإبداعي والابتكار الذي نحلم بتحقيقه بدء من الروضة وحتى الجامعة.
4. إن نحدد أهدافنا وغاياتنا القريبة والبعيدة.
5. إن تطور البرامج والمناهج التعليمية التي تستطيع بها إنتاج إنسان عربي متكامل.
6. جعل حياة الطالب العربي بمثابة المحور الذي تدور حوله الدراسة الجامعية.
7. تغيير أنماط التعليم والتعلم وأساليب التدريس التقليدية في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا.
8. إعداد الكوادر التربوية المؤهلة من المعلمين والإداريين للعمل في المدارس.
9. وضع خطط زمنية مرحلية واستراتيجية شاملة لأنظمتنا التعليمية القائمة في مدارسنا ومعاهدنا وجامعتنا.
10. تحويل مدارسنا ومؤسستنا التعليمية وجامعتنا إلى مراكز للنشاط الفكري والبحث العلمي.
11. عن نستخدم مدارسنا ومعاهدنا وجامعتنا لتكون مراكز للتعلم والاتصال الجماهيري والثقافة الشعبية الجماهيرية.
إن مسؤولية صناعة وإنتاج الإنسان العربي المطلوب بمواصفات عصرية تتجاوز في أهميتها كل مسؤولياتها وأولويتها أخرى كما تحتاج الشيء الكثير من العمل الدؤوب والجهد والتنسيق الفعال بين كل الأوساط المعنية والوسائط التربوية الاجتماعية في المجتمع العربي حيث تصبح مسؤولية إعداده لا تقتصر على الدراسة أو الأسرة بشكل خاص فحسب بل وعلى المؤسسات الاجتماعية والإعلامية والثقافية كالمعهد والمؤسسات التعليمية والجامعية والإذاعة والتلفزيون والمسرح ودور العبادة، بحيث تشترك جميعها في إعداد وإنتاج وتنشئة وصناعة هذا الإنسان العربي بشكل متكامل.
الفصل السابع:
الإعلام العربي… والتربية
تعتبر وسائطنا ووسائلنا الإعلامية العربية أو كما نسميها بوسائل الاتصال الجماهيرية Mass-Communication أو Mass-media Instrumental أدوات تستهدف السلطة بها ومن خلال التأثير بالجماهير والناس بشكل عام، حيث تستطيع هذه الوسائل أن تلعب دورا حاسما ومؤثرا في تشكيل اتجاهات الرأي العام وتحديد المواقف والاتجاهات نحو مختلف القضايا والمشكلات التي تواجهها المجتمعات، ومثلما لها دورا هاما جدا وفعالا إعلاميا فإن لها أيضا دورا تعليميا وتربويا في عملية النمو السلوكي للفرد والجماعة إلى الحد الذي تمارس فيه السيطرة على عملية الإرشاد والتوجيه فرديا وجماعيا، وقد أوضح (بروان 1980) و(موليندا 1983) خصائص هذه الوسائل في مجال الإبداع والابتكار من حيث أنها:
1. تعمل على إثراء خبرات الطفل المتعلم من المعلومات والمعارف في جميع مجالات المعرفة كالرموز أو الصور الذهنية المسموعة أو المركبة والكلمات المقروءة.
2. تساعد على تنمية المهارات اللازمة للسلوك ألابتكاري.
3. تنمية الاتجاهات الايجابية والتفكير ألابتكاري في حل المشكلات.
4. زيادة خبرات الطفل وتجاوزه حدود الزمان والمكان فتزداد قدرات الطفل على التعرف على المجتمع الذي تعيش فيه والتعامل معه.
5. تنمية قدرة المتعلم على الخيال والتفكير وحل المشكلات.
لأن وسائل الاتصال الجماهيري تعتبر من أهم مصادر المعرفة بل ومن أقوى وسائل ووسائط التربية فقد كان من واجبها إن يكون دورها باعتبارها جزء من العملية التربوية الشاملة متكاملا مع دور كل المدرسة والأسرة والمؤسسات الاجتماعية والتربوية الأخرى.
فالتعليم يبقى قاصرا إذا لم ترافقه تربية غير مباشرة عن طريق وسائط ووسائل الإعلام المختلفة ولذلك يجب علينا أن نحدد مسبقا الهدف من العملية الإعلامية هذه وهو الوصول إلى درجة كبرى من التغيير في طبيعة تركيبة المجتمع التقليدية أو الشخصية الفرد، ولهذا فلا بد للعملية الإعلامية أن تكون متفاعلة ايجابيا مع العملية التربوية وبالعكس، زان يقف منها موقف المساند على اعتبار أ، الإعلام يستطيع أن يمارس دورا تربويا صحيحا.
والحقيقة التي لا بد من ذكرها هنا هو هذا الخلل وعدم التوازن بين التربية والوسائل العربية ثم انعدام التنسيق إنما يرجع أساسا إلى عدم التكامل أولا بين السياسات الإعلامية العربية ذاتها ثم انعدام التنسيق ثانيا بينها وبين السياسات التربوية، لأنه لا بد أن يكون لوسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية العربية دورا هاما وفعالا في العلمية التربوية بشرط إن يحسن استخدام هذه الأجهزة وتسخرها لخدمة مصالح الانسان العربي وحاجاته وطموحاته.