الاحتجاج بالقدر على المعاصي
إنها امرأة متزوجة منذ عشرين سنة تقريباً ومعها الآن سبعة عيال أكبرهم يبلغ الثامنة عشر من عمره، وأصغرهم يبلغ الرابعة من عمره، ومن يوم زواجنا وزوجي لا يصلي، وفي بداية زواجنا صام ثلاثة رمضانات وصلى فيها فقط، وبعد ذلك الوقت لا يصلي ولا يصوم، وأنا امرأة أصلي وأصوم وأخاف الله، وكثير من المرات قلت له أن يصلي ولكنه كان يقول: إذا كان هو من قبضة اليمين فسوف يدخل الجنة، وإذا كان من قبضة الشمال فسوف يدخل النار!! فإذاً صلاته أو عدمها لا فائدة منها، وفي هذه الأشهر القريبة سمعت من برنامجكم أن المرأة التي تصوم وتصلي لا تجوز للرجل الذي لا يصلي ولا يصوم، فتكلمت معه بهذا الخصوص وحصلت مشاكل، وبعد ذلك ومنذ أشهر قليلة أصبح يصلي مرة ولا يصلي أخرى ويؤخر صلاة العصر والعشاء، ولا يذهب إلى المسجد مع أننا نسمع الآذان ونحن في البيت، أرجو أن توجهوني كيف أتصرف؟
نسأل من ط§ظ„ظ„ظ‡ لنا وله الهداية، هذا قوله إن كنت من قبضة اليمين دخلت الجنة… ألخ هذا غلط، لا يحتج بالقدر، الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما سألوه يا رسول الله لما قال لهم: (ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة ومقعده من النار)، قال الصحابة يا رسول: أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فسييسروا لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فسييسروا لعمل أهل الشقاوة)، ثم تلا قوله تعالى: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى*وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى*وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى*وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (5-10) سورة الليل، فلا يجوز لأحد أن يحتج بالقدر، بل على كل إنسان من رجل وامرأة أن يتق الله، وأن يعمل بطاعة الله من صلاة وصوم وحج وزكاة وغير ذلك، وأن يحذر معاصي الله، الله أعطاه عقل وأعطاه سمع وأعطاه بصر، فلا بد أن يستعمل ما أعطاه الله من النعم، فلا يجوز أن يحتج بالقدر، وهل يمكنه أن يحتج بالقدر فيجلس ولا يأكل ولا يشرب إن كان صادقاً، ليجلس لا يأكل ولا يشرب ويقول: إن كنت كتب الله لي أن أحيا حييت، هو يكذب لا يستطيع أن يصبر، بل لا بد أن يأكل ويشرب، فالمقصود أن هذا الاحتجاج بالقدر أمر باطل، فلا يجوز أن يحتج بالقدر لا في أكله، وشربه ولا في جماعه لزوجته، ولا في طلبه للولد، ولا في بره لوالديه، ولا في طلبه التجارة، ولا في أسفاره، ولا في مزرعته، ولا في غير هذا وهكذا في صلاته، وهكذا في صومه، وهكذا في أعماله الأخرى، ليس له أن يحتج بالقدر، بل يجب أن يعمل بما أوجب الله ويدع ما حرم الله، كما يجب أن يطلب الرزق ويتسبب في طلب الرزق الذي يعينه على طاعة الله، ويغنيه عن الناس في البيع والشراء، أو بالزراعة، أو النجارة، أو الحدادة، أو الخياطة، أو غير هذا من الأسباب، وليس له أن يحتج بالقدر ويقول أجلس في بيتي ولا أفعل الأسباب والرزق يأتيني، هذا غلط لا يقوله عاقل، وهكذا في الصلاة والعبادة، لا يجوز أن يترك الصلاة ويقول أنا إن كنت من أهل السعادة دخلت الجنة، وإلا فأنا من أهل النار، هذا كله باطل، ولا يجوز أن يحتج بالقدر أبداً، وهذه حجة المشركين لو شاء الله ما أشركنا، ولا يعذرهم الله سبحانه وتعالى، فالواجب على زوجك أن يتقي الله وأن يراقب الله، وأن يصلي مع المسلمين في المساجد، وأن يحافظ على ذلك، وأن يصوم رمضان، وأن يؤدي زكاة ماله إن كان عنده مال، وأن يحج حج البيت، الحج الواجب الفريضة المرة في العمرة، وأن يبر والديه، وأن يقوم بحق زوجته إلى غير ذلك، والواجب عليك أنت أن تمتنعي منه، ولا تمكنيه من نفسك حتى يتوب إلى الله توبة صادقة، وحتى يصلي جميع الأوقات، ما دام لا يصلي فهو كافر، وليس لك أن تمكنيه من نفسك، هذا هو الحق، وهذا هو الصواب من قولي العلماء أن من تركها كفر، وإن لم يجحد وجوبها؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، وفيه أحاديث أخرى كثيرة تدل على كفرة تارك الصلاة، فاتق الله أنت، واحذري شره وابتعدي عنه عند أهلك، حتى يتوب الله عنه، وإن أبى فارفعي الأمر إلى المحكمة والمحكمة تنظر في الأمر، ولا تتساهلي بهذا أبداً، نسال الله لنا وله الهداية.